الامر، فلا بد للامر من تصور المتعلق بكلية قيوده حتى يأمر به، فإذا أمر بنفس الطبيعة بلا قيد تكون هي المأمور بها لا غير، والقيود المنتزعة من تعلق الامر بها لا تكون مأمورا بها ومبعوثا إليها، إلا أن تؤخذ في المتعلق كسائر القيود.
وبالجملة: أن الامر التعبدي - بعد اشتراكه مع التوصلي في أن كل واحد منهما إذا تعلق بشئ ينتزع منه بلحاظ عنوان المأمور به و المبعوث إليه - يفترق عنه بأن المطلوب منه والمبعوث إليه فيه لم يكون الطبيعة، بل هي مع قصد الامر أو التقرب أو نحوهما، فلا بد أن يكون مثل تلك القيود موردا للبعث والتحريك، ولا يكون كذلك إلا بأخذه في المتعلق، وإلا فصرف الامر بالطبيعة لا يمكن أن يكون محركا إلى غيرها.
وثانيا: لقائل أن يقول: إنه على فرض تسليم كون التشريع كالتكوين لا يلزم منه ما ذكره، لان النار المحرقة للقطن - مثلا - إنما تحرق نفس الطبيعة لا ما لا ينطبق إلا على المقيد. نعم بتعلق الاحراق (بها) تصير الطبيعة موصوفة بوصف لا يمكن (لأجله) أن تنطبق إلا على المقيد، لكن هذا القيد والوصف بعد الاحراق رتبة وبعليته، ولا يمكن أن يصير موجبا لضيق الطبيعة المتعلقة للاحراق.
وبما ذكرنا من عدم صحة قياس علل التشريع بالتكوين، يظهر حال بقية استنتاجاته (1) منه، كاستفادة الفورية من الامر، وعدم تداخل الأسباب،