" نهج الوصول إلى علم الأصول "، الذي تصدى لشرحه جمع من أجلاء الأصحاب منهم ابنه فخر المحققين، وصار مدار البحث والدرس إلى زمان الشهيد الثاني، وقد ألف الشهيد المزبور كتابا في ذلك سماه " تمهيد القواعد "، وابنه صاحب " المعالم " كتابه المعروف ب " المعالم " الذي كان إلى زماننا هذا مدار البحث والدرس في بدء الشروع في علم الأصول، لسلاسة تعبيره وجودة جمعه وسهولة تناوله، ولأجله صار موردا لإقبال العلماء عليه بالتحشية والتعليق والشرح، وأحسنها ما ألفه الشيخ محمد تقي الأصفهاني - أخو صاحب " الفصول " - المسمى ب " هداية المسترشدين " وهو كتاب كبير مشتمل على تحقيقات كثيرة وتدقيقات بديعة.
وفي هذه الدورة بلغت العناية بعلم الأصول مرتبة لم تكن حاجة إلى بلوغه تلك المرتبة بوجه، بعد كونها مقدمة للفقه، ولم تكن لها موضوعية، وعلى حسب تعبير بعض الأعظم اتصف بالتورم والخروج عن الحد.
إلى أن وصلت النوبة إلى الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري صاحب كتاب الرسائل " وتلميذه المحقق الخراساني صاحب " الكفاية " قدس سرهما فقد وقع منهما التنقيح والتهذيب والترتيب على وجه أنيق، وصار الكتابان من الكتب الدراسية في الحوزات العلمية، وعليهما شروح وتعاليق كثيرة، وصارت أنظارهما موردا للتدقيق والتحقيق من قبل أجلاء تلاميذهما، ولهم في ذلك تآليف قيمة وأنظار ثمينة، لا يمكن إنكار علو رتبتها الكاشف عن الغوص في أعماق بحار المطالب والبلوغ إلى منتهى المراتب العالية والدرجات المتعالية.