وبعد ذلك انتقل الدور إلى الطبقة اللاحقة التي منهم سيدنا الأستاذ العلامة المحقق الأصولي الكبير الامام الخميني قدس سره الشريف.
منهج الامام - قدس سره - وأنظاره في علم الأصول وأما منهجه فقد كان بناؤه على ملاحظات المطالب من أصلها والنظر في أساسها وأنها هل أسست على أساس صحيح قابل للقبول، أو أن أساسها مخدوش ومورد للنظر والباحث، فقد رأينا في مباحثه أنه كثيرا ما يضع إصبعه على نكتة البحث ويهتم بالأساس الذي لعله كان مسلما عندهم، ويناقش فيه، ولأجله تصير المسألة متطورة متغيرة، ولا تصل النبوة إلى البحث عن الأغصان والفروع، ومن هذه الجهة كان بحثه - قدس سره - في أعلى درجة الفائدة، وموجبا لشحذ أذهان الفضلاء والطلبة، ولم تكن المطالب مقبولة عنده تعبدا وتقليدا، بل كانت ملحوظة أسسا وأصولا. ولعمري إن هذه مزية مهمة توجب الرشد والرقاء، وتؤثر في كمال التحقيق والتدقق.
وأما أنظاره القيمة الابتكارية المحضة أو تبعا لبعض مشايخه، فكثيرة نشير إلى بعضها:
منها: ما يترتب عليه ثمرات مهمة وفوائد جمة: وهو عدم انحلال الخطابات العامة المتوجهة إلى العموم - بحيث يكون الخطاب واحدا والمخاطب متعددا - إلى الخطابات الكثيرة حسب كثرة المخاطبين وتعدد المكلفين، بل الخطاب واحد والمخاطب متعدد، والشرط في صحة هذا النحو من الخطاب يغاير الشرط في الخطابات الشخصية، فإنه لا يمكن في الخطاب الشخصي توجيه إلى المخاطب مع العلم بعدم القدرة - مثلا - مع أنه لا مانع