النعمان المعروف ب (المفيد) فألف كتابا في الأصول، يشتمل مع اختصاره على أمهات المباحث والمطالب، وقد رأيت مصنفا له في الأصول في غاية الاختصار لا يتجاوز عدة صفحات، ولعله كان كتابا آخر منه في هذا العلم.
وتبعه في ذلك تلميذاه اللذان هما من أركان الطائفة، والمتبحرين في الفنون المختلفة الإسلامية، ولهما تآليف قيمة، وتصنيفات ثمينة في أكثرها، وهما: السيد الأجل السيد المرتضى الملقب ب (علم الهدى) وشيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي - قدس سره القدوسي - فقد صنف الأول كتاب " الذريعة إلى أصول الشريعة "، والثاني كتاب " عدة الأصول " الذي قال في شأنه السيد بحر العلوم: هو أحسن كتاب صنف في الأصول.
ولجلالة شأن الشيخ الطوسي، وعظمة مقامه، وكثرة تأليفاته واستنباطاته وفتاواه، لم يعد أحد من تلامذته نظريات أستاذهم، ولم يتجاسروا على نقدها وتمحيصها.
واستمرت هذه الحالة إلى أن وصلت النبوة إلى سبط الشيخ ابن إدريس الحلي المعروف بصاحب " السرائر، فجدد البحث والانتقاد، وفتح باب الاستنباط والاجتهاد بعد الركود والانسداد.
وانتقل الدور بعده إلى الفاضلين: المحقق صاحب " الشرائع " وابن أخته العلامة الحلي، فأحكما أساس البحث والنظر، وألفا في الفقه والأصول كتبا كثيرة، فألف الأولى في الأصول كتاب " نهج الوصول إلى معرفة الأصول " وكتاب " المعارج "، والثاني صنف كتبا كثيرة عمدتها