ألا يكثر من تعولوا. وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة: قال: ألا تفتقروا. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح قال: كان الرجل إذا زوج أيمة أخذ صداقها دونها، فنهاهم الله عن ذلك ونزلت (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة). وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (نحلة) قال: يعني بالنحلة المهر. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة (نحلة) قالت: واجبة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) قال: فريضة مسماة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير (فإن طبن لكم) قال: هي للأزواج. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة (فإن طبن لكم عن شئ منه) قال: من الصداق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس (فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا) يقول: إذا كان من غير ضرار ولا خديعة فهو هنئ مرئ كما قال الله.
هذا رجوع إلى بقية الأحكام المتعلقة بأموال اليتامى. وقد تقدم الأمر بدفع أموالهم إليهم في قوله تعالى (وآتوا اليتامى أموالهم) فبين سبحانه ها هنا أن السفيه وغير البالغ لا يجوز دفع ماله إليه. وقد تقدم في البقرة معنى السفيه لغة.
واختلف أهل العلم في هؤلاء السفهاء من هم؟ فقال سعيد بن جبير: هم اليتامى لا تؤتوهم أموالكم. قال النحاس وهذا من أحسن ما قيل في الآية. وقال مالك: هم الأولاد الصغار لا تعطوهم أموالكم فيفسدوها وتبقوا بلا شئ وقال مجاهد: هم النساء. قال النحاس وغيره: وهذا القول لا يصح إنما تقول العرب سفائه أو سفيهات. واختلفوا في وجه إضافة الأموال إلى المخاطبين وهي للسفهاء، فقيل أضافها إليهم لأنها بأيديهم وهم الناظرون فيها كقوله - فسلموا علي أنفسكم -، وقوله - فاقتلوا أنفسكم - أي ليسلم بعضكم على بعض، وليقتل بعضكم بعضا، وقيل أضافها إليهم لأنها من جنس أموالهم، فإن الأموال جعلت مشتركة بين الخلق في الأصل، وقيل المراد أموال المخاطبين حقيقة، وبه قال أبو موسى الأشعري وابن عباس والحسن وقتادة. والمراد النهي عن دفعها إلى من لا يحسن تدبيرها كالنساء والصبيان، ومن هو ضعيف الإدراك لا يهتدي إلى وجوه النفع التي تصلح المال، ولا يتجنب وجوه الضرر التي تهلكه وتذهب به. قوله (التي جعل الله لكم قيما) المفعول الأول محذوف، والتقدير التي جعلها الله لكم، و " قيما " قراءة أهل المدينة وأبي عامر، وقرأ غيرهم " قياما " وقرأ عبد الله بن عمر " قواما " والقيام والقوام: ما يقيمك يقال فلان قيام أهله وقوام بيته وهو الذي يقيم شأنه: أي يصلحه ولما انكسرت القاف في قوام أبدلوا الواو ياء. قال الكسائي والفراء: قيما وقواما بمعنى قياما، وهو منصوب على المصدر: أي لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي تصلح بها أموركم فتقومون بها قياما وقال الأخفش: المعنى قائمة بأموركم فذهب