الكسائي: أي فواحدة تقنع، وقيل التقدير: فواحدة فيها كفاية، ويجوز أن تكون واحدة على قراءة الرفع خبر مبتدأ محذوف: أي فالمقنع واحدة. قوله (أو ما ملكت أيمانكم) معطوف على واحدة: أي فانكحوا واحدة أو أنكحوا ما ملكت أيمانكم من السراري وإن كثر عددهن كما يفيده الموصول. والمراد نكاحهن بطريق الملك لا بطريق النكاح، وفيه دليل على أنه لا حق للمملوكات في القسم كما يدل على ذلك جعله قسيما للواحدة في الأمن من عدم العدل، وإسناد الملك إلى اليمين، لكونها المباشرة لقبض الأموال وإقباضها ولسائر الأمور التي تنسب إلى الشخص في الغالب، ومنه:
إذا ما راية نصبت لمجد * تلقاها عرابة باليمين قوله (ذلك أدنى ألا تعولوا) أي ذلك أقرب إلى ألا تعولوا: أي تجوروا، من عال الرجل يعول: إذا مال وجار، ومنه قولهم عال السهم عن الهدف: مال عنه، وعال الميزان إذا مال، ومنه:
قالوا اتبعنا رسول الله واطرحوا * قول الرسول وعالوا في الموازين ومنه قول أبي طالب:
بميزان صدق لا يغل شعيرة * له شاهد من نفسه غير عائل ومنه أيضا: فنحن ثلاثة وثلاث ذود * لقد عال الزمان على عيال والمعنى: إن خفتم عدم العدل بين الزوجات، فهذه التي أمرتم بها أقرب إلى عدم الجور، ويقال عال الرجل يعيل: إذا افتقر وصار عالة، ومنه قوله تعالى - وإن خفتم عيلة -، ومنه قول الشاعر:
وما يدري الفقير متى غناه * وما يدري الغني متى يعيل وقال الشافعي (ألا تعولوا) ألا تكثر عيالكم. قال الثعلبي: وما قال هذا غيره، وإنما يقال أعال يعيل: إذا كثر عياله. وذكر ابن العربي أن عال تأتي لسبعة معان: الأول عال مال. الثاني زاد الثالث جار. الرابع افتقر الخامس أثقل. السادس قام بمؤونة العيال، ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم " وابدأ بمن تعول ". السابع عال غلب، ومنه عيل صبري، قال ويقال أعال الرجل: كثر عياله. وأما عال بمعنى كثر عياله فلا يصح، ويجاب عن إنكار الثعلبي لما قاله الشافعي، وكذلك إنكار ابن العربي لذلك، بأنه قد سبق الشافعي إلى القول به زيد بن أسلم وجابر بن زيد وهما إمامان من أئمة المسلمين لا يفسران القرآن هما والإمام الشافعي بما لا وجه له في العربية. وقد أخرج ذلك عنهما الدارقطني في سننه. وقد حكاه القرطبي عن الكسائي وأبي عمر الدوري وابن الأعرابي، وقال أبو حاتم: كان الشافعي أعلم بلغة العرب منا ولعله لغة. وقال الثعلبي: قال أستاذنا أبو القاسم بن حبيب: سألت أبا عمر الدوري عن هذا وكان إماما في اللغة غير مدافع، فقال: هي لغة حمير، وأنشد:
وإن الموت يأخذ كل حي * بلا شك وإن أمشي وعالا أي وإن كثرت ماشيته وعياله. وقرأ طلحة بن مصرف (أن لا تعيلوا) قال ابن عطية: وقدح الزجاج في تأويل عال من العيال بأن الله سبحانه قد أباح كثرة السراري، وفي ذلك تكثير العيال، فكيف يكون أقرب إلى أن لا يكثروا، وهذا القدح غير صحيح، لأن السراري إنما هي مال يتصرف فيه بالبيع، وإنما العيال الحرائر ذوات الحقوق الواجبة. وقد حكى ابن الأعرابي أن العرب تقول: عال الرجل إذا كثر عياله، وكفى بهذا.
وقد ورد عال لمعان غير السبعة التي ذكرها ابن العربي، منها عال: اشتد وتفاقم، حكاه الجوهري، وعال الرجل في الأرض: إذا ضرب فيها، حكاه الهروي، وعال: إذا أعجز، حكاه الأحمر، فهذه ثلاثة معان غير