فيكم؟ قالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، فأتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا، فدعا ربه، فنزلت (إن في خلق السماوات والأرض) الآية. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة فنام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، ثم استيقظ فجعل يمسح النوم عن وجهه بيديه، ثم قرأ العشر الآيات الأواخر من سورة آل عمران حتى ختم. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، والطبراني والحاكم في الكنى، والبغوي في معجم الصحابة عن صفوان بن المعطل قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سفر فذكر نحوه.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن مسعود في قوله (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) الآية، قال: إنما هذه في الصلاة إذا لم يستطع قائما فقاعدا، وإن لم يستطع قاعدا فعلى جنبه.
وقد ثبت في البخاري من حديث عمران بن حصين قال: " كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة فقال: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب ". وثبت فيه عنه قال: " سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال: من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد ". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: هذه حالاتك كلها يا بن آدم، أذكر الله وأنت قائم، فإن لم تستطع فاذكره جالسا فإن لم تستطع جالسا فاذكره وأنت على جنبك، يسر من الله وتخفيف.
وأقول هذا التقييد الذي ذكره بعدم الاستطاعة مع تعميم الذكر لا وجه له لا من الآية ولا من غيرها، فإنه لم يرد في شئ من الكتاب والسنة ما يدل على أنه لا يجوز الذكر من القعود إلا مع عدم استطاعة الذكر من قيام، ولا يجوز على جنب إلا مع عدم الاستطاعة من قعود، وإنما يصلح هذا التقييد لمن جعل المراد بالذكر هنا الصلاة كما سبق عن ابن مسعود. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن حبان في صحيحه وابن مردويه عن عائشة مرفوعا: ويل لمن قرأ هذه الآية ولم يتفكر فيها. وأخرج ابن أبي الدنيا في التفكر عن سفيان رفعه " من قرأ آخر سورة آل عمران فلم يتفكر فيها ويله فعد أصابعه عشرا ". قيل للأوزاعي: ما غاية التفكر فيهن؟ قال: يقرؤهن وهو يعقلهن. وقد وردت أحاديث وآثار عن السلف في استحباب التفكر مطلقا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس في قوله (من تدخل النار فقد أخزيته) قال: من تخلد. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن المسيب في الآية قال: هذه خاصة بمن لا يخرج منها. وأخرج ابن جرير والحاكم عن عمرو بن دينار قال: قدم علينا جابر بن عبد الله في عمرة، فانتهيت إليه أنا وعطاء فقلت: - وما هم بخارجين من النار - قال:
أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهم الكفار، قلت لجابر: فقوله (إنك من تدخل النار فقد أخزيته) قال: وما أخزاه حين أحرقه بالنار، وإن دون ذلك خزيا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله (مناديا ينادي للإيمان) قال: هو محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد مثله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: هو القرآن، ليس كل أحد سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله (ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك) قال: يستنجزون موعد الله على رسله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ولا تخزنا يوم القيامة) قال: لا تفضحنا.