في سننه عن ابن عباس في قوله (وإذا ابتلى إبراهيم ربه) قال: ابتلاه الله بالطهارة: خمس في الرأس، وخمس في الجسد. في الرأس قص الشارب، والمضمضة، والإستنشاق والسواك، وفرق الرأس، وفي الجسد: تقليم الأظفار، وحلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وغسل مكان الغائط والبول بالماء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عنه نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه وابن عساكر عنه قال: ما ابتلى أحد بهذا الدين فقام به كله إلا إبراهيم. وقرأ هذه الآية فقيل له: ما الكلمات؟ قال: سهام الإسلام ثلاثون سهما: عشرة في براءة - التائبون العابدون - إلى آخر الآية، وعشرة في أول سورة قد أفلح - وسأل سائل - والذين يصدقون بيوم الدين - الآيات، وعشرة في الأحزاب - إن المسلمين - إلى آخر الآية، (فأتمهن) كلهن فكتب له براءة قال تعالى - وإبراهيم الذي وفى -. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم عنه قال: منهن مناسك الحج. وأخرج ابن جرير عنه قال: الكلمات (إني جاعلك للناس إماما - وإذ يرفع إبراهيم القواعد) والآيات في شأن المناسك، والمقام الذي جعل لإبراهيم، والرزق الذي رزق ساكنو البيت وبعث محمد في ذريتهما. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد في قوله (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) قال: ابتلى بالآيات التي بعدها. وأخرجا أيضا عن الشعبي مثله. وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الكلمات التي ابتلى بهن إبراهيم فأتمهن: فراق قومه في الله حين أمر بمفارقتهم، ومحاجته نمروذ في الله حين وقفه على ما وقفه عليه من خطر الأمر الذي فيه خلاقهم، وصبره على قذفهم إياه في النار ليحرقوه في الله، والهجرة بعد ذلك من وطنه وبلاده حين أمره بالخروج عنهم، وما أمره به من الضيافة والصبر عليها، وما ابتلى به من ذبح ولده، فلما مضى على ذلك كله (قال) الله (له أسلم قال أسلمت لرب العالمين). وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال: ابتلاه بالكوكب فرضي عنه، وابتلاه بالقمر فرضي عنه، وابتلاه بالشمس فرضي عنه، وابتلاه بالهجرة فرضي عنه، وابتلاه بالختان فرضي عنه، وابتلاه بابنه فرضي عنه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (فأتمهن) قال: فأداهن. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من فطرة إبراهيم السواك " قلت: وهذا على تقدير أن إسناده إلى عطاء صحيح فهو مرسل لا تقوم به الحجة، ولا يحل الاعتماد على مثله في تفسيره كلام الله سبحانه، وهكذا لا يحل الاعتماد على مثل ما أخرجه ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: من فطرة إبراهيم غسل الذكر والبراجم، ومثل ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عنه قال: ست من فطرة إبراهيم: قص الشارب، والسواك، والفرق، وقص الأظفار، والاستنجاء، وحلق العانة. قال: ثلاثة في الرأس - وثلاثة في الجسد. وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الصحيح وغيره من طريق جماعة من الصحابة مشروعية تلك العشر لهذه الأمة، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم. وأحسن ما روى عنه ما أخرجه الترمذي وحسنه عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقص أو يأخذ من شاربه. قال: وكان خليل الرحمن إبراهيم يفعله. ولا يخفاك أن فعل الخليل له لا يستلزم أنه من الكلمات التي ابتلى بها، وإذا لم يصح شئ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا جاءنا من طريق تقوم بها الحجة تعيين لمك الكلمات لم يبق لنا إلا أن نقول: إنها ما ذكره الله سبحانه في كتابه بقوله (قال إني جاعلك) إلى آخر الآيات، ويكون ذلك بيانا للكلمات أو السكوت وإحالة العلم في ذلك على الله سبحانه. وأما روي عن ابن عباس ونحوه من الصحابة ومن بعدهم
(١٣٩)