مجاهد. وقد أخرج ابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس نحو ذلك، وكذلك أخرج عنه أحمد وابن أبي حاتم والبيهقي.
الضمير في قوله (وابعث فيهم) راجع إلى الأمة المسلمة المذكورة سابقا. وقرأ أبي " وابعث في آخرهم " ويحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى الذرية. وقد أجاب الله لإبراهيم عليه السلام هذه الدعوة، فبعث في ذريته (رسولا منهم) وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وقد أخبر عن نفسه بأنه دعوة إبراهيم كما سيأتي تخريج ذلك إن شاء الله، ومراده هذه الدعوة. والرسول هو المرسل. قال ابن الأنباري: يشبه أن يكون أصله ناقة مرسال ورسلة إذا كانت سهلة السير ماضية أمام النوق. ويقال جاء القوم أرسالا: أي بعضهم في أثر بعض، والمراد بالكتاب: القرآن. والمراد بالحكمة: المعرفة بالدين والفقه في التأويل والفهم للشريعة. وقوله (يزكيهم) أي يطهرهم من الشرك وسائر المعاصي. وقيل إن المراد بالآيات ظاهر الألفاظ، والكتاب معانيها، والحكمة الحكم، وهو مراد الله بالخطاب، والعزيز الذي لا يعجزه شئ قاله ابن كيسان. وقال الكسائي (العزيز) الغالب (ومن يرغب) في موضع رفع على الابتداء، والاستفهام للإنكار. وقوله (إلا من سفه نفسه) في موضع الخبر، وقيل هو بدل من فاعل يرغب، والتقدير: وما يرغب عن ملة إبراهيم أحد إلا من سفه نفسه. قال الزجاج: سفه بمعنى جهل: أي جهل أمر نفسه فلم يفكر فيها. وقال أبو عبيدة: المعنى أهلك نفسه. وحكى ثعلب والمبرد أن سفه بكسر الفاء يتعدى كسفه بفتح الفاء مشددة. قال الأخفش (سفه نفسه) أي فعل بها من السفه ما صار به سفيها، وقيل إن نفسه منتصب بنزع الخافض، وقيل هو تمييز، وهذان ضعيفان جدا، وأما سفه بضم الفاء فلا يتعدى قاله المبرد وثعلب. والاصطفاء: الاختيار، أي اخترناه في الدنيا وجعلناه في الآخرة من الصالحين، فكيف يرغب عن ملته راغب. وقوله (إذ قال له) يحتمل أن يكون متعلقا بقوله (اصطفيناه) أي اخترناه وقت أمرنا له بالإسلام، ويحتمل أن يتعلق بمحذوف هو أذكر. قال في الكشاف: كأنه قيل أذكر ذلك الوقت ليعلم أنه المصطفى الصالح الذي لا يرغب عن ملة مثله، والضمير في قوله (وأوصى بها) راجع إلى الملة أو إلى الكلمة: أي أسلمت لرب العالمين. قال القرطبي: وهو أصوب لأنه أقرب مذكور: أي قولوا أسلمنا انتهى. والأول أرجح لأن المطلوب ممن بعده هو اتباع ملته لا مجرد التكلم بكلمة الإسلام، فالتوصية بذلك أليق بإبراهيم وأولى بهم. ووصى وأوصى بمعنى، وقرئ بهما، وفي مصحف عثمان (وأوصى) وهي قراءة أهل الشام والمدينة، وفي مصحف عبد الله بن مسعود (ووصى) وهي قراءة الباقين (ويعقوب) معطوف على إبراهيم: أي وأوصى يعقوب بنيه كما