ورائه " أي: قدامة وأمامه، يقال: الموت من ورائك، وأنشد:
أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي * وقومي تميم والفلاة ورائيا والثاني: أنها بمعنى: " بعد "، قال ابن الأنباري: " من ورائه " أي: من بعد يأسه، فدل " خاب " على اليأس، فكنى عنه، وحملت " وراء " على معنى: " بعد " كما قال النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة * وليس وراء الله للمرء مذهب أراد: ليس بعد الله مذهب. قال الزجاج: والوراء يكون بمعنى الخلف والقدام، لأن ما بين يديك وما قدامك إذا توارى عنك فقد صار وراءك، قال الشاعر:
أليس ورائي إن تراخت منيتي * لزوم العصا تحنى عليها الأصابع قال: وليس الوراء من الأضداد كما يقول بعض أهل اللغة. وسئل ثعلب: لم قيل: الوراء للأمام؟ فقال: الوراء: اسم لما توارى عن عينك، سواء أكان أمامك أو خلفك. وقال الفراء: إنما يجوز هذا في المواقيت من الأيام والليالي والدهر، تقول: وراءك برد شديد، وبين يديك برد شديد. ولا يجوز أن تقول للرجل وهو بين يديك: هو وراءك، ولا للرجل: وراءك: هو بين يديك.
قوله تعالى: (ويسقى من ماء صديد) قال عكرمة، ومجاهد، واللغويون: الصديد:
القيح والدم، قاله قتادة، وهو ما يخرج من بين جلد الكافر ولحمه. وقال القرظي: هو غسالة أهل النار، وذلك ما يسيل من فروج الزناة. وقال ابن قتيبة: المعنى: يسقى الصديد مكان الماء، قال: ويجوز أن يكون على التشبيه، أي: ما يسقى ماء صديد.
قوله تعالى: (يتجرعه) والتجرع: تناول المشروب جرعة جرعة، لا في مرة واحدة، وذلك لشدة كراهته له، وإنما يكره على شربه.
قوله تعالى: (ولا يكاد يسيغه) قال الزجاج: لا يقدر على ابتلاعه، تقول: ساغ لي الشئ، وأسغته. وروى أبو أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يقرب إليه فيكرهه، فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره ".
قوله تعالى: (ويأتيه الموت) أي: هم الموت وكربه وألمه (من كل مكان) وفيه ثلاثة أقوال: