المحترسين من أمر الله.
والثاني: أن المعنى: حفظهم له من أمر الله، قاله ابن عباس، وابن جبير، فيكون تقدير الكلام: هذا الحفظ مما أمرهم الله به.
والثالث: يحفظونه بأمر الله، قاله الحسن، ومجاهد، وعكرمة. قال اللغويون: والباء تقوم مقام " من "، وحروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض.
والرابع: يحفظونه من الجن، قاله مجاهد، والنخعي. وقال كعب: لولا أن الله تعالى وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم، إذن لتخطفتكم الجن. وقال مجاهد:
ما من عبد إلا وملك موكل به يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام، فإذا أراده شئ، قال: وراءك وراءك، إلا شئ قد قضي له أن يصيبه. وقال أبو مجلز: جاء رجل من مراد إلى علي عليه السلام، فقال: احترس، فإن ناسا من مراد يريدون قتلك، فقال: إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، وإن الأجل جنة حصينة.
والخامس: أن في الكلام تقديما وتأخيرا، والمعنى: له معقبات من أمر الله يحفظونه، قاله أبو صالح، والفراء.
والسادس: يحفظونه لأمر الله فيه حتى يسلموه إلى ما قدر له، ذكره أبو سليمان الدمشقي، واستدل بما روى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: يحفظونه من أمر الله، حتى إذا جاء القدر خلوا عنه، وقال عكرمة: يحفظونه لأمر الله.
والسابع: يحفظون عليه الحسنات والسيئات، قاله ابن جريج. قال الأخفش: وإنما أنث المعقبات لكثرة ذلك منها، نحو النسابة، والعلامة ثم ذكر في قوله: " يحفظونه " لأن المعنى مذكر.
قوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم) أي: لا يسلبهم نعمه (حتى يغيروا ما بأنفسهم) فيعملوا بمعاصيه. قال مقاتل: ويعني بذلك كفار مكة.
قوله تعالى: (وإذا أراد الله بقوم سوءا) فيه قولان:
أحدهما: أنه العذاب.
والثاني: البلاء.
قوله تعالى: (فلا مرد له) أي: لا يرده شئ ولا تنفعه المعقبات. (وما لهم من دونه) يعني: من دون الله (من وال) أي: من ولي يدفع عنهم العذاب والبلاء.