والعلامة في المنتهى - بعد أن نقل كلام ابن إدريس المذكور - ذكران الشيخ عول هنا على رواية الشعيري ثم قال - بعد نقلها -: وهذه الرواية إن صح سندها حملت على ما إذا وقع السكوت عن الزياد لا للشراء.
ثم قال: والتحقيق هنا أن تقول: لا تخلو الحال عن أربعة أقسام.
أحدها: أن يوجد من البايع التصريح بالرضا بالبيع. فهنا يحرم السوم.
الثاني: أن يظهر منه ما يدل على عدم الرضا. فهذا لا تحرم فيه الزيادة.
الثالث: أن لا يوجد ما يدل على الرضا ولا على عدمه. فهنا أيضا يجوز السوم.
الرابع: أن يظهر منه ما يدل على الرضا من غير تصريح، والوجه هنا التحريم أيضا. انتهى ملخصا.
أقول: والذي يقرب في فكري الكليل، وذهني العليل: أن ما ذكره هذان العمدتان في المقام لا يخلو من النظر الظاهر لذوي الأفهام. فإنه لا يخفى أن كلا من الحكمين المذكورين، لا تعلق له بالآخر ولا ارتباط بينهما، ليتوهم حصول المنافاة بينهما، ويحتاج إلى الجمع كما ذكره في المنتهى، أو اطراح، أحدهما، كما توهمه ابن إدريس، فإنه لا يخفى أن النداء على السلعة التي تضمنه خبر الشعيري إنما هو أن يعطي بعض المشترين ثمنا، فينادي به الدلال قبل أن يقع بينهما تراض عليه، فإن حصل من أعطى أزيد من الأول فربما باعه وتراضى مع ذلك المعطي عليه، وربما نادى به أيضا طلبا للزيادة، والإمام عليه السلام قد نهى من الزيادة في حال النداء، وجوزها في حال السكوت، والوجه فيما قاله عليه السلام هنا غير ظاهر لدينا، ولا معلوم عندنا، وينبغي أن يحمل ذلك على مجرد التعبد الشرعي، تحريما أو كراهة.
وأما السوم على السوم فهو شئ آخر، وهو أن يقع بين البايع والمشتري المساومة، التي هي عبارة عن المجاذبة بينهما في فصل الثمن، وتعيينه وليس هنا نداء بالكلية، لأنه مع حصول التراضي المانع من الدخول في السوم، لا معنى للنداء على السلعة وطلب الزيادة، كما لا يخفى، ومع عدم حصول التراضي فلا معنى للنداء