لسان داود وعيسى بن مريم - إلى قوله - ولكن كثيرا منهم فاسقون " قال: الخنازير على لسان داود، والقردة على لسان عيسى، " كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " كانوا يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمور، ويأتون النساء أيام حيضهن، ثم احتج الله تعالى على المؤمنين الموالين للكفار فقال: " ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم - إلى قوله - ولكن كثيرا منهم فاسقون " فنهى الله عز وجل أن يوالي المؤمن الكافر إلا عند التقية (1).
وما رواه العياشي في تفسيره عن سليمان الجعفري، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: ما تقول في عمال السلطان؟ فقال: يا سليمان، الدخول في أعمالهم، والعون لهم والسعي في حوائجهم، عديل الكفر، والنظر إليهم على العمد، من الكبائر التي يستحق بها النار (2). إلى غير ذلك من الأخبار التي تجري هذا المجرى.
ثم إن الواجب على الداخل في أعمالهم رد ما اكتسبه في عملهم على أصحابه، ومع عدم معرفتهم فالواجب الصدقة به عنهم، كما صرح به الأصحاب. والتوبة النصوح في هذا الباب.
ويدل على ذلك خبر علي بن أبي حمزة، قال: كان لي صديق من كتاب بني أمية، فقال لي: استأذن لي على أبي عبد الله عليه السلام، فاستأذنت له، فلما أن دخل سلم وجلس، ثم قال: جعلت فداك، إني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالا كثيرا، وأغمضت في مطالبه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم، ويجبى لهم الفئ، ويقاتل عنهم، ويشهد جماعتهم، ما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم، ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم.
قال: فقال الفتى: جعلت فداك، فهل لي مخرج منه؟ قال: إن قلت لك تفعل؟
قال: أفعل. قال له: فاخرج من جميع ما اكتسب في ديونهم، فمن عرفت منهم رددت عليه، ومن لم تعرف تصدقت له، وأنا أضمن لك على الله تعالى الجنة. فأطرق الفتى