يرتضي المسلمون باختلاف المعاني للآية الواحدة، وربما تبلغ احتمالاتها إلى أكثر من عشرة أو عشرات، كما أوضحنا ذلك في بعض الآيات الفقهية وأحكام الآيات القرآنية، وهل ذلك إلا مخالفا لأصول البلاغة وحقيقة الفصاحة، بل مخالفا لأصل المقصود وأساس الغاية والنتيجة المطلوبة، وربما تصبح الآية مجملة غير قابلة للفهم العمومي، وهو خلاف ما في القرآن العزيز من أنه تبيان لكل شئ، وكتاب مبين، ونور وضياء.
ومن تلك الآيات قوله تعالى: * (كلما رزقوا...) * إلى قوله تعالى:
* (وأتوا به متشابها) * فقد قالوا فيه بآراء مختلفة ومعان شتى تبلغ من مجموع محتملات الخمسة في الثلاثة المذكورة في كتب الحديث والتفسير - بالنسبة إلى القضية الشرطية وجملة و " اتوا به " - ثمانية عشر احتمالا، وفيها احتمالات اخر لم يقل بها السلف ويرجحه الخلف، فيزداد عليها زيادة، وسيأتي أصول المحتملات في ذيل التفسير والتأويل إن شاء الله تعالى.
أقول:
أولا: إن تكثير الاحتمالات في تفسير الأشعار والأنثار والكلمات والجملات في الخطب والنسخ، لا يقصر عن الكتاب الإلهي، ولا يختص به الوحي والتنزيل، فلو كان ذلك من البليات فهي عامة، وإذا عمت طابت.
وثانيا: اختلاف الأفهام والأذواق وتفاوت الناس في الفكرة والشعور، مما لا يمكن أن ينسد بابه، ولا شبهة في أن ذلك ينتهي إلى كثير من الاختلافات في فهم المراد من الآيات والكلمات.
وتوهم: أن ظهور الكلام في المعنى يمنع عن الخلاف، صحيح، إلا أن