الناس يختلفون في تشخيص الظهور، ولا يمكن تركيب الجمل من الألفاظ الموجودة العامة، إلا ويأتي فيه تشتت الأنظار وتكثر الأفكار. هذه كتب القوانين البشرية والدساتير الموجودة بين أيدينا، فإن علماء الحقوق وفقهاء المذاهب، يختلفون في فهم المقصود وتشخيص المراد والمطلوب جدا من القانون، الموجود فيها التراكيب من الجمل المتعارفة والألفاظ الحاضرة بين أيدينا، المبتلى بها في كل مساء وصباح.
وثالثا: إن عوام الناس والشعوب البسيطة - التي كانوا أول من يلقى إليهم القرآن - يفهمون منه ما يقنعهم ويركنون إليه، ولا يخطر ببالهم خلافه، ولذلك لا يأتون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا شاذا حتى يسألوا عن معنى الآية ومقصود الجملة.
وأما العلماء والخواص من الأمة، فهم لأجل التدبر والتأمل يقع في أنفسهم الاحتمالات، وتزداد إلى أن يتحيروا في فهم المراد، فيراجعون أئمة الحق ويسألون عن المخصوصين بالخطاب في الدرجة العليا، والواقفين على الأسرار في المرحلة الأولى، فيسأل ابن عباس من أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهكذا إلى أن وصلت النوبة إلى المفسرين من الشيعة السائلين أهل الذكر وأئمتنا المعصومين عليهم صلوات المصلين، وهذا لا يضر بفصاحة الكتاب وبلاغة الخطاب إن لم يكن مؤيدا ومؤكدا.
ورابعا: إن كل طائفة وإن يقع في أنفسهم الاحتمالات الكثيرة البدوية، والوجوه المختلفة المتعددة، إلا أن كل عالم من كل فن يتخذ أحد الوجوه والمحتملات معنى للآية ويهتدي بها، فلا تكون الآية إلا تبيانا، إلا أن ذلك يختلف باختلاف القوى والاستعدادات الموجودة، وربما تكون