الكتب الفقهية، دون ما ينظر فيها الرجل الكلامي وعلم الكلام - هل هي نفس الندامة، بخلاف الاستغفار الواجب في الفقه أحيانا في موارد كثيرة في باب الكفارات، فإنه واجب وله الصيغة والألفاظ، ولابد من الإبراز، أم هي الندامة المقرونة بالألفاظ الدالة عليها، أو الألفاظ المبرزة لها؟
وقد ذهب جل أصحابنا إلى كفاية الندامة النفسانية، وربما يستشم من قوله تعالى: * (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) * أن هناك ألفاظا تلقاها أولا آدم من ربه، فتعلمها، وما ذلك إلا لإبرازها وإظهارها، فإذا تشبث بها وتاب قبلت توبته، فيعلم منها وجوب الإبراز والإنشاء المقرون بالندامة القلبية كي تقبل التوبة.
أقول: ويحتمل أن يكون التلقي لحصول قابلية آدم للتوبة، فإن قوله تعالى: * (فتاب عليه) * معناه: أنه تعالى تاب على آدم، فتلك الكلمات الملقاة على آدم وتلقاها آدم، دخيلة في إمكان توبته تعالى عليه، فالفيض الإلهي من الجواد على الإطلاق مشروط بحصول قابلية المحل، وهي مادة آدم بعد احتجابها بتلك الشجرة الملعونة، فلا دلالة للآية على وجوب التلفظ بألفاظ خاصة - مثلا - في التوبة الواجبة، وأما أن تلك الألفاظ ما هي؟ فهو أيضا بحث خارج عن نطاق هذه المسألة كما لا يخفى.
فما في الكتب التفسيرية: أنه سأل الله تعالى بتلك الكلمات، فتاب الله عليه بعد ذلك، غير صحيح.
بل الظاهر دلالة الآية - لمكان كون الجملة في حكم الشرطية، ولمكان الفاء - على أن الإبراز بكلمة خاصة وجملة استغفارية، أو إبراز كلمة وجملة مشتملة على التوبة بالحمل الأولي، غير لازم، كما صرح به