أقول: اختلفوا في فهم هذه المعاني، ولم يصل إلى مغزى المرام إلا من شذ، فإن العلم بالأسماء غير العمل والاتباع عن العلم، وغير الملكة والرسوخ، فإن أفراد آدم مختلفة في هذه المرحلة نهاية الاختلاف وغاية التفاوت، فآدم الذي طينته من الرحمة والشيطان المتركب من القوة اللا متناهية والاستعداد الكثير، البالغ في العلم آخر مراتبه، ربما لا يتمركز في قلبه العلم والعرفان، ويتخلف مثل إبليس عن الأمر والنهي، فلو كان إبليس فاقد جميع مراحل الخير والرحمة لما خلقه الله تعالى، وما كان يؤمن بالله العزيز حتى يتبرأ عمن يغره ويمكر به، كما نص عليه الكتاب العزيز، فهو أيضا يستحق الجنة بمرتبة منها، ولو لم يكن خليفة الله فيه من الشيطان ووسوسته، ومن مرتبة من إبليس وقوته، لما كان ينهاه الله تعالى عن التقرب، لعلمه بما فيه من الفساد، وقد علم آدم الأسماء كلها، إلا أنه فيه قوة الاغترار والتمرد، فنهاه الله تعالى عن تلك الشجرة، لما يرى فيه من قوة التمرد والتخلف، وليس في الآيات ما يدل على اختصاص الجنة بهما، بل الجنة ذات عرض عريض في الأرض، وكان فيها إبليس أيضا بنفس كون آدم فيها، لما فيه من جنس الشيطان وإبليس، ومجرد علم آدم بالأسماء غير كاف، بل لابد من اتباع العلم، وهو العمل، ولنعم ما قال العارف الشيرازي:
مريد پير مغانم (على (عليه السلام)) ز من مرنج أي شيخ (آدم) * چرا كه وعده تو كردى واو بجا آورد (1)