والذي هو الظاهر: أن النهي ليس تحريما إلهيا وتشريعيا، لكونه معللا بقوله تعالى: * (فتكونا من الظالمين) * في هذه الآية، وفي سورة طه:
* (إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) * (1).
أقول: اختلافهم في خصوص تلك الشجرة أمر، والمستفاد من الآية الشريفة أمر آخر، فإن أريد من الخلاف حصر المفاد فيه فهو خبط وغلط، وإن أريد به فهم مسألة خارجية تأريخية فلا بأس، والضرورة قاضية بأن القوة المدركة قاصرة عن فهم جميع موجبات الظلم، ولذلك يحتاج البشر إلى العقل الحادي عشر، وهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والرسول المنذر والمبشر، إلا أن جمعا من المسائل مورد الإدراك التعقل الفطري، حتى قيل:
الواجبات الشرعية ألطاف في الواجبات العقلية (2).
فعلى هذا يتبين: أنه يجوز دعوى أن النهي تحريم بالنسبة إلى خصوص شجرة، والتعليل يورث عموم التحريم، لما مر من عدم تجاوز النهي من محطه إلى محط آخر، وهو الظلم أو القبيح، ولا يشهد على الإرشاد شئ مما ذكر، كما أن كونه كناية عن الأكل قابل للمنع لولا الرواية الصريحة، لأن التقرب إلى الشجرة ربما يحرك إلى المبغوض الذاتي، فيصير قابلا للتحريم النفسي، مع أن في التقرب ربما يكون الانتفاع من ظل الشجرة، وهو غير مطلوب، فليلاحظ.