تفسير القرآن الكريم - السيد مصطفى الخميني - ج ٥ - الصفحة ٤٤٧
جواز العقوبة على ما يدرك العقل أنه ظلم، وربما يشهد لما ذكرناه ظهور الفاء في التفريع دون التعليل، مع أن المحرر عندنا في موارد التعليل: أنه لا يعقل أن يصير عنوان العلة محرما، فإذا قيل: لا تشرب الخمر لأنه مسكر، يكون التعليل دليلا على أن الفقاع مثله محرم، لأنه مسكر، ولا يرجع إلى أن عنوان المسكر محرم، فاغتنم.
وبالجملة: تبين شرعا أنه لا يختص النهي بالشجر الخاص كي يختلفوا فيه، ولا بأصل الشجرة، بل النهي يعم جميع الموجبات للظلم وكافة المنتهيات إلى التجاوز، بل النهي يشمل عموم ما يورث الأمر القبيح الذي منه الظلم، فإنه ممنوع، لكونه قبيحا، فما هو التعليل في الحقيقة هو قبح الظلم، فليتدبر جيدا.
إن قلت: تشخيص ما يوجب الظلم عما لا يوجب، خارج عن قدرة الإنسان، فالشجرة المنهي عنها شجرة خاصة، ويدل عليه قوله تعالى:
* (هذه الشجرة) * بصورة الإشارة، فاختلافهم في محله، وعدم تعرض الكتاب الإلهي لتعيينها، لأن القصة غير لازم أن تكون جامعة لجميع مزاياها، ولا سيما ما لا مدخلية له في روح القصة وبنيان القضية.
قلت: اختلفوا في أن النهي تحريم شرعي، أو إرشاد عقلي، بعد الاتفاق على أن المنهي عنه ليس التقرب من الشجرة، بل هو كناية عن الاستفادة منها أكلا، كما في بعض رواياتنا عن الباقر (عليه السلام) (1)، أو عن مطلق الانتفاع، وإنما الأكل أثر واضح، فذكر في الرواية.

(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست