الشرك الممنوع في شريعة العقل والشرع، وقد جاهر الإسلام في إبطاله وجاهد، وتكبد الخسائر المالية والروحية في هدم ذلك، وكان مما كثر فيه أذى الرسول الإسلامي، وقطع حبال الشرك في العبادة، فضلا عن توجيه العبادة إلى الغير، فإن الأصنام والأوثان والملائكة والأنبياء والموجودات - في هذه المرحلة - على نعت سواء، بالقياس إلى رب الأرباب وخالق الأسباب والكل مستمد من مدده، بلا فرق بينهم بالقياس إليه تعالى، لأن الإمكان على وجه واحد مشترك بينهم، وهذا الفقر سواد الوجه في الدارين.
وبالجملة: كيف يرتضي الإنسان بأن القرآن يحكي أنه تعالى أمر بهذا الأمر المنكر الممنوع، فيلزم - عندئذ - التضاد.
والذي هو الحق: أن حديث السجدة لآدم والسجدة لله تعالى على نهج واحد من القبح والحسن، ولا شبهة في أن عنوان العبودية من العناوين القصدية في بعض المواقف، والانتزاعية القهرية في موقف آخر، مثلا: القيام بعنوان العبودية موضوع لاعتبار العبادة، بخلاف السجدة على التراب في مقابل آدم (عليه السلام)، أو على غيره من سائر الأشياء بقصد التكريم والتعظيم، فإنه ينتزع منها عنوان العبادة قهرا وإن لم يقصدها، فإن العبادة ليست إلا هذه الحالة التي من مقولة الوضع، بمعنى كفايتها لانتزاعها وإدراك كل عاقل منه ذلك.
ومما لا يخفى أن كل شئ إذا كان صالحا لانتزاع عنوان الحسن والقبح منه، وكان جامعا لشرائطه فلابد من التدقيق في جهة خاصة مغفولة، وهي النظر إليه بما هو هو، من غير إضافة إلى حيثية أو