شخصية، فعندئذ نقول: العبودية بما هي العبودية: إما حسنة أو قبيحة.
وبعبارة أخرى: عبادة الإنسان لنفسه مما لا معنى له، والعبادة بما هي عبادة ليست إلا مفهوما، وأما عبادة الغير بمعناها التصديقي - أي أن يعبد الإنسان غيره - فهي قابلة لأن تكون موضوعا لإدراك الحسن والقبح، وحيث لا سبيل إلى كونها مجمع العنوانين، ولا موضوعا للحسن، فهي قبيحة بما هي هي، فإن العقل يأبى عن ذلك ولو كان الغير هو الله تعالى. نعم لا منع من إدراك العقل لزومها له تعالى، لجهة تقوم الكمالات النفسية به، ولأجل القيام بالشكر على اختلاف التعابير الناشئة من اختلاف الناس في الأفهام، واختلاف السائلين في الروايات والأحاديث في مراتب الإدراك والتعقل والتفكير، وقد فصلنا هذه في موسوعاتنا الأصولية والفقهية، ويتبين من ذلك مواضع فساد آراء القوم، كما تظهر مشكلة البحث هنا.
وعلى هذا يسقط الأقوال المفصلة من أن المراد من السجود ليس السجود العبادي بالاتفاق، فهو إما بمعنى التحية والتعظيم كالسلام، أو كان آدم (عليه السلام) قبلة الملائكة، أو أن المراد منه هنا هو مطلق الانقياد والتخضع التكويني ولا تشريع، أو مطلق التشريعي الأعم من معناه الاصطلاحي، وقد فصلوا بما لا يرجع إلى محصل.
والذي هو التحقيق: وإن كان يمكن حمل السجود هنا على العبادة كما عرفت، إلا أنه بمناسبة مجازية المقاولة بين الرب والملائكة، وبمناسبة مجازية الحوار بين الملائكة وغيرهم، وبمناسبات اخر مخصوصة بالملائكة، يكون المراد هنا هو التخضع الطبيعي، وأن عدم خضوع إبليس أيضا - كما نجد في أنفسنا، فإنه مسيطر علينا أيضا - طبيعي.