ومن ذوات الأجنحة مثنى وثلاث ورباع، ومن قوله تعالى * (جاعل الملائكة رسلا) * (1) ولو لم تكن هذه الآية منصرفة إلى طائفة خاصة، فالكل - حتى إبليس - رسل الله تعالى بالمعنى الأعم للرسالة، وسيظهر بعض الكلام حوله.
وربما يستدل بهذه الآية على وجود الاستثناء المنقطع في الكتاب العزيز، خلافا لجمع من الأعلام، بل والفقهاء العظام، نظرا إلى أنه كلام خلاف البلاغة والفصاحة، وتشبث بعضهم لحل موارد كثيرة ظاهرة في الانقطاع، ومنها قوله تعالى: * (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما) * (2) وغير ذلك من الآيات الآتية إن شاء الله تعالى.
والحق جواز ذلك، بل هو في كثير من المواقف من أسرار البلاغة وبدائع الفصاحة، ونرجوا المعذرة لأجنبية البحث عن بحث الإعراب.
قوله تعالى: * (أبى واستكبر وكان من الكافرين) * في محل نصب على كونه صفة " إبليس " أو حال، أي آبيا مستكبرا والكل ضعيف، ولا بأس بكونه خبرا بعد خبر عن مبتدأ محذوف، أو جواب لسؤال مقدر، لأنه بعد ما ترك السجدة يجوز أن يسأل فما صنع؟ أبى واستكبر، ولا بأس بكونه في محل التعليل، لمعلومية الحال من المقال.
وعلى كل تقدير: هذا من المواضع التي يشكل تتميمها حسب القواعد البدوية، دون التحقيقية، فإن مقتضى قواعد الأدب لزوم الدليل الرابط بين قوله تعالى: * (أبى واستكبر) * وقوله تعالى: * (إبليس) * بمثل