والذي يحتمله الآية أن الواو يحتمل الاستئناف والعطف، وفي جواز الحال إشكال وإن أمكن عندنا هنا تصحيحه وحيث إن الآية بحسب الاعتبار متأخر عن الآيات الثلاث السابقة وعن الآية التي قبلها وتكون الكل - حسب النظر الابتدائي - مترتبة على نهج التربية بعد الإرادة المتعلقة بجعل الخلافة، فلا يكون هنا إلا الاستئناف وبيان ما تحقق والإتيان بواو و " إذ " ثانيا لتشديد التنبيه، وحيث إن القرآن كتاب في الاعتبار يخاطب الأمة الإسلامية يكون كلمة " إذ " متعلقة بفعل عام، ككلمة " اعلموا " و " اذكروا " و " التفتوا " وأمثال ذلك، ولعل " إذ " هنا يفيد معنى " إذا "، أي بعد ما ثبت تقدم آدم إذا قلنا للملائكة اسجدوا له. والله العالم.
* (قلنا للملائكة اسجدوا لادم) * ولم يذكر قراءة الكسر ولا التنوين معه، مع أنه لو كان منصرفا يجب هنا الإعراب، فتدل الآية على مسألة أدبية كما مر، وما في " مجمع البيان ": من أن الأصل في همزة الوصل أن تكسر لالتقاء الساكنين، ولكنها ضمت من " اسجد " لاستثقال الضمة بعد الكسرة (1)، فإنه أجنبي عن مسألتنا هذه، ضرورة أن " اسجد " من سجد يسجد، فيكون الهمزة مضمومة حسب الموازين الصرفية.
قوله تعالى: * (فسجدوا إلا إبليس) * جواب للأمر أو حكاية جواب، أنه حكاية عن الأمر التكويني وعن القصة السابقة، ثم إن إبليس منصوب، ويقرأ مفتوحا لما مر، وإنما الكلام في الاستثناء، والأقرب أنه من المتصل، لما مر أن الملائكة أعم من الملائكة الذين لا يعصون الله،