والذي هو الحق: أنه لا يعقل النفي التام، أي السلب كلما وقع يكون ناقصا، لأنه لا يمكن سلب الجنس على الإطلاق، لأنه من الأمور الموجودة في الذهن، فكيف يسلب عنه؟! فإذا يسلب عنه الوجود الخاص، وهو الكون الخارجي، وهذا يرجع إلى السلب الناقص قهرا، كما لا يخفى على أهله.
فما اشتهر بين أبناء الأصول والمعقول وطائفة من النحويين - بل كلهم - من وجود بعض الحروف والأفعال السالبة بالسلب التام، غير صحيح، كما أن الإثبات التام لا معنى له، لأنه في جميع المجهولات يريدون الخاص لا العام حتى إذا قيل: الله موجود، فإنه لا يراد إثبات الوجود على النحو العام حتى يشمل الوجود الذهني، فاغتنم ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا من ذي قبل إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: * (إلا ما علمتنا) * يحتمل أن يكون " ما " مصدرية وقتية، ويؤيده حذف العائد، ويحتمل الموصولة، وعلى التقديرين يكون في موضع النصب على الاستثناء، ويحتمل كونه في موضع رفع بناء على كون الاستثناء مفرغا، فيكون اسم " لا " محذوفا، وهو مرفوع، وفي كون الرفع على البدل بحث في محله، ومن ذلك يظهر ما في " البحر " (1)، وقد علمت وجه كون " ما " في موضع نصب على التقديرين فيما مر آنفا.
بقي شئ: أن إضافة كلمة " سبحان " إلى ضمير الخطاب يوهم الإشكال، ضرورة أنه ولو كان مفعولا، لا يستفاد من الإضافة معنى محصل.