وكذا، فما في تفاسير القوم من أن نداء " آدم " بعلمه الشخصي، لكونه كسائر الأنبياء والرسل غير نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، غير تمام. وفي قوله تعالى: * (أنبئهم بأسمائهم) * - مع أن ما يظهر في بادي النظر هو أن يقال: أنبئهم بهم أو بها مثلا - يلزم تكرار الاسم الظاهر، وهكذا عند قوله تعالى: * (فلما أنبأهم بأسمائهم) *، فإن في هذه الإعادة - مضافا إلى تركيز المسألة حول الأسماء وتعظيم عالم الأسماء - إشعارا إلى ما يأتي من أن الإتيان بضمير التأنيث في صدر هذه الآيات فقط دون غيره، لأجل خصوصية مخفية على الأعلام، وسيظهر إن شاء الله تمامه.
وفي توجيه الخطاب في الآية الأولى إلى الملائكة بقوله:
* (أنبئوني) * بضمير المتكلم، وهنا بضمير الغائب، أيضا لطف، لأن " آدم " لم يكن طرف المخاصمة، فإذا التفت الملائكة إلى جهلهم وعجزهم، تنحل الدعوى والشكوى، وأما في الآية الثالثة، فلابد من الضمير الغائب، لأن هناك محاضرة ثلاثية، وتكون الآية برهانا على الملائكة، وفيه غلبة الله تعالى عليهم، والله هو الغالب الدائم.
ومن الممكن - كما أشير إليه - أن في محافل الافتتان والامتحان قلما يخلص الأوحدي الألمعي، فضلا عما إذا كان الممتحن هو الله تبارك وتعالى، فربما في أمره تعالى تلك الملائكة تعجيزهم، ولا سيما في إضافة ضمير المتكلم، وكان في هذا التعجيز حكمة إتقان، وأما في أمره تعالى آدم مضافا إليه ضمير الغائب، فصرف له عن الحضور عنده تعالى، وتوجيه له إلى الملائكة المخلوقين، فانصرف عنه آدم، فأجاب بأسمائهم. والله هو العالم.