فأكثر المتكلمين إلى جوازه، وربما يؤمئ إليه قوله تعالى:
* (يميتكم ثم يحييكم) * فإن الإماتة والموت هو تفرق الأجزاء وفناء البدن والصورة القائمة به، فإذا انمحت الشخصية القائمة بالصورة وانعدمت، فلابد من تجويز الإعادة، لأنه المعاقب والمثاب، فلابد من عوده بشخصه، ولذلك يقال: * (يميتكم ثم يحييكم) * مع وحدة المخطاب في الخطابين، فما هو العائد عين الغالب، فالمعاد والمبتدأ واحد.
أقول: يجوز أن يستند إلى التقريب المذكور لنفي كون الإنسان إنسانا بالصورة الحالة في المادة، وذلك للزوم كون المعاد غير المبتدأ، فكيف يصح العقاب والعتاب، وقد تبرهنوا على الامتناع ببراهين محررة في " قواعدنا الحكمية "، والمسألة لا تحتاج إليها، بل من يقول بالجواز يكون غافلا عن أطراف القضية، وإلا فالعاقل أعز شأنا من أن يفوه بمثله.
ومن البديهي أن ما هو المعاد يجوز أن يكون مستأنفا بعد عدم بقاء شئ محفوظ بينهما مقوم لهما، فعليه تكون المسألة ضرورية.
وأما الآية الشريفة فهي لا تدل على حقيقة الموت، بل الاستدلال المذكور يتم بضم مفهوم الموت وتفسيره الباطل إليها، وقد تبين فيما سبق: أن الموت ليس تفرق الأجزاء وتبدل الصورة وفناءها بعد كونها معنى حالا فيها، بل هو الانتقال من الدنيا إلى وعاء آخر، برفض المادة المسانخة مع الدنيا.
ومن الغريب توهم بعض أرباب الكشف: أن الإحياء الثاني هو الإعادة في هذه الدنيا، ثم بعد ذلك * (إليه ترجعون) * (1)، ولعله اشتباه في