الغاية المنتهية لها، من الصور النباتية والحيوانية والإنسانية، متبدلة في جوهرها، وسائرة في صورها الجوهرية باللبس بعد اللبس، لا اللبس بعد الخلع، فإن حديث الكون والفساد من الأباطيل الممتنعة، وقد تحرر منا امتناعه في الطوليات والعرضيات.
وعلى كل تقدير، المادة المتصورة متحركة في الصور بالاشتداد والاستكمال حتى يصل جوهرها الصوري إلى الرتبة العليا ويبلغ الدرجة المجردة عن المادة في ذاتها دون فعلها.
وربما يستنبط من قوله تعالى: * (وكنتم أمواتا فأحياكم) * أن المخاطب واحد في الصورتين، وأنها كانت ميتة فصارت حية، فلابد من تبدل الصورة السابقة إلى الحياة، حتى يصح اعتبار الخطاب.
وأما دعوى: أن كلمة الفاء تومئ إلى عدم تخلل زمان بين حالتي الموت والحياة، وأنها كانت ميتة فصارت حية، وهذا بولوج الروح فيه آنا ما، فيكون الروح روحاني الحدوث، فهي وإن ليست بعيدة إلا أن قضية الخطاب أدل على خلافه، مع أن الحركة من اللا شعورية إلى الشعور وإن كانت تدريجية، إلا أن حصول الإحساس والإدراك لا يتخلل بينه وبين ما يسبقه الزمان الطويل، فيناسبه استعمال الفاء. ولعمري إنه لو كان الروح روحاني الحدوث لكان الصحيح أن يقال: كنتم أحياء فأخرجكم من بطون أمهاتكم، ضرورة أن شيئية الشئ بصورته وجهة كماله، فالإنسان كان ميتا، لأنه كان قوة الإنسان، وفيه الإنسانية بالقوة، وتلك القوة صارت إنسانا حيا يرزق. هذا، مع أن الأقوال الاخر واضحة الفساد وأشبه بالخرافات والإسرائيليات.