تعمل في تدبير الملك إلا شيئا بعد مطالعته (حدثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي نزل الشام مرابطا ثقة مأمون قوله (كان يقبل الهدية ويثيب عليها) من أثاب يثيب أي يعطي الذي يهدي له بدلها والمراد بالثواب المجازاة وأقله ما يساوي قيمة الهدية واستدل بعض المالكية بهذا الحديث على وجوب الثواب على الهدية إذا أطلق الواهب وكان ممن يطلب مثله الثواب كالفقير للغني بخلاف ما يهبه الأعلى للأدنى ووجه الدلالة منه مواظبته صلى الله عليه وسلم ومن حيث المعنى أن الذي أهدى قصد أن يعطي أكثر مما أهدى فلا أقل أن يعوض بنظير هديته وبه قال الشافعي في القديم وقال في الجديد كالحنفية الهبة للثواب باطلة لا تنعقد لأنها بيع بثمن مجهول ولأن موضوع الهبة التبرع فلو أبطلناه لكان في معنى المعاوضة وقد فرق الشرع والعرف بين البيع والهبة فما استحق العوض أطلق عليه لفظ البيع بخلاف الهبة وأجاب المالكية بأن الهبة لو لم تقتضي الثواب أصلا لكانت بمعنى الصدفة وليس كذلك فإن الأغلب من حال الذي يهدي أنه يطلب الثواب ولا سيما إذا كان فقيرا كذا في الفتح قوله (وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وابن عمر وجابر) أما حديث أبي هريرة فأخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي بلفظ أن أعرابيا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بكرة فعوضه منها ست بكرات الحديث وأما حديث أنس فأخرجه أبو داود والنسائي عنه قال قال المهاجرون يا رسول الله ذهب الأنصار بالأجر كله ما رأينا قوما أحسن بذلا لكثير ولا أحسن مواساة في قليل منهم ولقد كفونا المؤنة قال أليس تثنون عليهم به وتدعون لهم قالوا بلى قال فذاك بذاك وأما حديث ابن عمر فأخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرطهما كذا قال المنذري في الترغيب وذكر لفظه وفيه ومن أتي إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه نموه وأما حديث جابر فأخرجه الترمذي في باب المتشبع بما لم يعطه
(٧٣)