بالأولاد تقع بالميل الطبيعي إلى الولد وإيثاره على كل أحد والفتنة بالجار تقع بالحسد والمفاخرة والمزاحمة في الحقوق وإهمال التعاهد ثم قال وأسباب الفتنة بمن ذكر غير منحصرة فيما ذكرت من الأمثلة وأما تخصيص الصلاة وما ذكر معها بالتكفير دون سائر العبادات ففيه إشارة إلى تعظيم قدرها لاتقي أن غيرها من الحسنات ليس فيها صلاحية التكفير ثم إن التكفير المذكور يحتمل أن يقع بنفس فعل الحسنات المذكورة ويحتمل أن يقع بالموازنة والأول أظهر (تموج كموج البحر) أي تضطرب اضطراب البحر عند هيجانه وكنى بذلك عن شدة المخاصمة وكثرة المنازعة وما ينشأ عن ذلك من المشاتمة والمقاتلة (قال يا أمير المؤمنين) وفي رواية للبخاري يا أمير المؤمنين لا بأس عليك منها قال الحافظ زاد في رواية ربعي تعرض الفتن على القلوب فأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى يصير أبيض مثل الصفاة لا تضر ه فتنة وأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء حتى يصير أسود كالكوز منكوسا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا وحدثته أن بينها وبينه بابا مغلقا (أن بينك وبينها بابا مغلقا) أي لا يخرج منها شئ في حياتك قال ابن المنبر اثر حذيفة الحرص على حفظ السر ولم يصرح لعمر بما سأل عنه وإنما كنى عنه كناية وكأنه كان مأذونا له في مثل ذلك وقال النووي يحتمل أن يكون حذيفة علم أن عمر يقتل ولكنه كره أن يخاطبه بالقتل لأن عمر كان يعلم أنه الباب فأتى بعبارة يحصل بها المقصود بغير تصريح بالقتل انتهى وكأنه مثل الفتن بدار ومثل حياة عمر بباب لها مغلق ومثل موته بفتح ذلك الباب فما دامت حياة عمر موجودة فهي الباب المغلق لا يخرج مما هو داخل تلك الدار شئ فإذا مات فقد انفتح ذلك الباب فخرج ما في تلك الدار (قال عمر يفتح أم يكسر قال بل يكسر) قال ابن بطال إنما قال ذلك لأن العادة أن الغلق إنما يقع في الصحيح فأما إذا انكسر فلا يتصور غلقه حتى يجبر انتهى ويحتمل أن يكون كنى عن الموت بالفتح وعن القتل بالكسر ولهذا قال في رواية ربعي فقال عمر كسرا لا أبالك لكن بقية رواية ربعي تدل على ما قدمته فإن فيه وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت (قال إذن لا يغلق إلى يوم القيامة) زاد البخاري قلت أعلم عمر الباب قال نعم كما أن دون غد ليلة قال الحافظ إنما قال عمر ذلك اعتمادا على ما عنده من النصوص الصريحة في وقوع الفتن في هذه الأمة ووقوع البأس بينهم إلى يوم القيامة روى البزار من حديث قدامة بن مظعون عن أخيه عثمان أنه قال لعمر يا غلق الفتنة فسأله عن ذلك فقال مررت ونحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال هذا غلق الفتنة لا يزال بينكم وبين الفتنة باب شديد الغلق ما عاش
(٤٤٢)