تعالى وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب وقال يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب وذكر في الكشاف أنه لا يطول عمر الانسان ولا يقصر إلا في كتاب وصورته أن يكتب في اللوح إن لم يحج فلان أو يغز فعمره أربعون سنة وإن حج وغزا فعمره ستون سنة فإذا جمع بينهما فبلغ الستين فقد عمر وإذا أفرد أحدهما فلم يتجاوز به الأربعين فقد نقص من عمره الذي هو الغاية وهو الستون وذكر نحوه في معالم التنزيل وقيل معناه إنه إذا بر لا يضيع عمره فكأنه زاد وقيل قدر أعمال البر سببا لطول العمر كما قدر الدعاء سببا لرد البلاء فالدعاء للوالدين وبقية الأرحام يزيد في العمر إما بمعنى أنه يبارك له في عمره فييسر له في الزمن القليل من الأعمال الصالحة ما لا يتيسر لغيره من العمل الكثير فالزيادة مجازية لأنه يستحيل في الآجال الزيادة الحقيقية قال الطيبي إعلم أن الله تعالى إذا علم أن زيدا يموت سنة خمس مائة استحال أن يموت قبلها أو بعدها فاستحال أن تكون الآجال التي عليها علم الله تزيد أو تنقص فتعين تأويل الزيادة أنها بالنسبة إلى ملك الموت أو غيره ممن وكل بقبض الأرواح وأمره بالقبض بعد اجال محدودة فإنه تعالى بعد أن يأمره بذلك أو يثبت في اللوح المحفوظ ينقص منه أو يزيد على ما سبق علمه في كل شئ وهو بمعنى قوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب وعلى ما ذكر يحمل قوله عز وجل ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده فإشارة بالأجل الأول إلى ما في اللوح المحفوظ وما عند ملك الموت وأعوانه وبالأجل الثاني إلى ما في قوله تعالى وعنده أم الكتاب وقوله تعالى إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون والحاصل أن القضاء المعلق يتغير وأما القضاء المبرم فلا يبدل ولا يغير انتهى قوله (وفي الباب عن أبي أسيد) بضم الهمزة وفتح السين مصغرا الساعدي وأما أبو أسيد بفتح الهمزة وكسر السين فله حديث واحد وهو كلوا الزيت وادهنوا به الحديث وحديث أبي أسيد الذي أشار إليه الترمذي لم أقف عليه فلينظر من أخرجه (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه ابن حبان والحاكم وقال صحيح الاسناد عن ثوبان وفي روايتهما لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يذنبه كذا في المرقاة
(٢٩٠)