إخبار أو دعاء (إن الله حرم عليهم الشحوم) أي شحوم الغنم والبقر قال الله تعالى ومن الغنم والبقر حرمنا عليهم شحومهما فأجملوه أي أذابوه قال في النهاية جملت الشحم وأجملته أذبته وقال في القاموس جمل الشحم أذابه كأجمله واجتمله واحتالوا بذلك في تحليله وذلك لأن الشحم المذاب لا يطلق عليه لفظ الشحم في عرف العرب بل يقولون إنه الودك (ثم باعوه فأكلوا ثمنه) الضمير المنصوب في هذه الجمل الثلاث راجع إلى الشحوم على تأويل المذكور أو إلى الشحم المفهوم من الشحوم كما تقدم قال في شرح السنة فيه دليل على بطلان كل حيلة تحتال للتوصيل إلى محرم وأنه لا يتغير حكمه بتغير هيأته وتبديل اسمه انتهى قوله (وفي الباب عن عمر) مرفوعا قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها أخرجه الشيخان (وابن عباس) أخرجه أحمد وأبو داود قوله (حديث جابر حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان باب ما جاء في الرجوع في الهبة قوله (ليس لنا مثل السوء) أي لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أن نتصف بصفة ذميمة يشابهنا فيها أخس الحيوانات في أخس أحوالها قال الله سبحانه وتعالى (للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى) ولعل هذا أبلغ في الزجر عن ذلك وأدل على التحريم مما لو قال لا تعودوا في الهبة وإلى القول بتحريم الرجوع في الهبة بعد أن تقبض ذهب جمهور العلماء إلا هبة الوالد لولده جميعا بين هذا الحديث وحديث النعمان بن بشير (العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه) وفي رواية للبخاري العائد في هبته كالعائد في قيئه قال الطحاوي قوله قوله كالعائد في قيئة وإن اقتضى التحريم لسكون القئ حراما لكن الزيادة في الرواية الأخرى وهي قوله كالكلب تدل على عدم التحريم لأن الكلب غير متعبد فالقئ ليس حراما عليه والمراد التنزيه عن فعل يشبه فعل
(٤٣٥)