تحفة الأحوذي - المباركفوري - ج ٤ - الصفحة ٦٢
غسل الأيدي كما صرح به في هذا الحديث انتهى ولحديث ابن عمر رضي الله عنه كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل قال الحافظ في التلخيص إسناده صحيح وهو يؤيد أن الأمر في حديث أبي هريرة للندب وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث انتهى ولحديث أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنها غسلت أبا بكر حين توفي ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت إن هذا يوم شديد البرد وأنا صائمة فهل على من غسل قالوا لا رواه مالك في الموطأ قال الشوكاني في النيل وهو من الأدلة الدالة على استحباب الغسل دون وجوبه وهو أيضا من القرائن الصارفة عن الوجوب فإنه يبعد غاية البعد أن يجهل أهل ذلك المجمع الذين هم أعيان المهاجرين والأنصار واجبا من الواجبات الشرعية ولعل الحاضرين منهم جل المهاجرين وأجلهم لأن موت مثل أبي بكر حادث لا يظن بأحد من الصحابة الموجودين في المدينة أن يتخلف عنه وهم في ذلك الوقت لم يتفرقوا كما تفرقوا من بعد انتهى وقال فيه والقول بالاستحباب هو الحق لما فيه من الجمع بين الأدلة بوجه مستحسن انتهى (وقد روي عن عبد الله بن المبارك أنه قال لا يغتسل ولا يتوضأ من غسل الميت) استدل من ذهب إلى عدم استحباب الاغتسال من غسل الميت بحديث ابن عباس المذكور وبحديث أسماء بنت عميس المذكور وأجابوا عن حديث الباب بأنه ضعيف قال علي بن المديني وأحمد بن حنبل لا يصح في الباب شئ وقال الذهلي لا أعلم فيه حديثا ثابتا ولو ثبت للزمنا استعماله وقال الرافعي لم يصحح علماء الحديث في هذا الباب شيئا مرفوعا وقد عرفت أن الحق أن حديث الباب بكثرة طرقه وشواهده لا ينحط عن درجة الحسن وأجابوا أيضا بأن حديث الباب منسوخ وقد جزم به أبو داود ونقله عن أحمد وفيه أن النسخ لا يثبت بالاحتمال بل إذا وجد ناسخ صريح وهو متأخر ما يستحب من الأكفان قوله (البسوا) بفتح الباء (من ثيابكم) من تبعيضية أو بيانية مقدمة (البياض) أي ذات
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست