قاله الحافظ وقد صرح هو بأن قول الشافعي هذا في القديم قال وعنه في الجديد قولان أحدهما اشتراط إذن المالك فإن امتنع لم يجبر وهو قول الحنفية وحملوا الأمر في الحديث على الندب والنهي على التنزيه جمعا بينه وبين الأحاديث الدالة على تحريم مال المسلم إلا برضاه انتهى (منهم مالك بن أنس قالوا الخ) وبه قال أبو حنيفة رحمه الله والكوفيون (والقول الأول أصح) لأحاديث الباب وأما الأحاديث القاضية بأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه فعمومات قال البيهقي لم نجد في السنن الصحيحة ما يعارض هذا الحكم إلا عمومات لا يستنكر أن يخصها وحمل بعضهم الحديث على ما إذا تقدم استئذان الجار كما وقع في رواية لأبي داود بلفظ إذا استأذن أحدكم أخاه وفي رواية لأحمد من سأله جاره وكذا في رواية لابن حبان فإذا تقدم الاستئذان لم يكن للجار المنع لا إذا لم يتقدم ما جاء أن اليمين على ما يصدقه صاحبه قوله (المعنى واحد) أي في لفظ قتيبة وأحمد بن منيع اختلاف ومعنى حديثهما واحد (اليمين) أي الحلف مبتدأ خبره قوله (على ما يصدقك به صاحبك) قال القاري أي خصمك ومدعيك ومحاورك والمعنى أنه واقع عليه لا يؤثر فيه التورية فإن العبرة في اليمين بقصد المستحلف إن كان مستحقا وإلا فالعبرة بقصد الحالف فله التورية قال هذا خلاصة كلام علمائنا من الشراح انتهى كلام القاري وقال النووي في شرح مسلم هذا الحديث محمول على الحلف باستحلاف القاضي فإذا ادعى رجل على رجل فحلفه القاضي فحلف وورى فنوى غير ما نوى القاضي انعقدت يمينه على ما نواه القاضي ولا ينفعه التورية وهذا مجمع عليه ودليله هذا الحديث والإجماع فأما إذا حلف بغير استحلاف القاضي وورى فتنفعه التورية ولا يحنث سواء حلف ابتداء من غير تحليف أو حلفه غير القاضي وغير نائبه في ذلك ولا اعتبار بنية المستحلف غير القاضي واعلم أن التورية وإن كان لا يحنث بها فلا يجوز فعلها حيث يبطل بها حق مستحق وهذا مجمع عليه هذا تفصيل مذهب الشافعي وأصحابه انتهى كلامه مختصرا قوله (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه مسلم وأحمد وأبو داود وابن ماجة وفي رواية لمسلم اليمين على نية المستحلف وهو بكسر اللام
(٤٨٩)