باب ما جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع قوله (فقال إنه قد زنى) هذا نقل بالمعنى كما يخفى إذ لفظه إني قد زنيت والمراد أن ما عزا قد زني قاله القاري قلت هذا هو الظاهر كما لا يخفي (ثم جاء من الشق الآخر) أي بعد غيبته عن المجلس قاله القاري قلت ليس في هذا الحديث ما يدل على ذلك إلا أن عليه دليل آخر فلينظر (فأمر به) أي برجمه (في الرابعة) أي في المرة الرابعة من مجالس الاعتراف (فأخرج) بصيغة المجهول أي أمر بإخراجه (إلى الحرة) وهي بقعة ذات حجارة سود خارج المدينة (فلما وجد مس الحجارة) أي ألم إصابتها (فر) أي هرب (يشتد) بتشديد الدال أي يسعى وهو حال (حتى مر برجل معه لحي جمل) بفتح اللام وسكون الحاء المهملة أي عظم ذقنه وهو الذي ينبت عليه الأسنان (فضربه) أي الرجل (به) أي باللحي (وضربه الناس) أي آخرون بأشياء أخر (ومس الموت) عطف على مس الحجارة على سبيل البيان قال الطيبي قوله ذلك إذا جعل إشارة إلى المذكور السابق من فراره من مس الحجارة كأن قوله إنه فر حين وجد مس الحجارة تكرارا لأنه بيان ذلك فيجب أن يكون ذلك مبهما وقد فسر بما بعده كقوله تعالى (وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين) ولعله كرر لزيادة البيان انتهى (هلا تركتموه) وفي رواية هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه قال القاري أي عسى أن يرجع عن فعله فيرجع الله عليه بقبول توبته قال ابن الملك فيه أن المقر على نفسه بالزنا لو قال ما زنيت أو كذبت أو رجعت سقط عنه الحد فلو رجع في أثناء إقامته عليه سقط الباقي وقال جمع لا يسقط إذ لو سقط لصار ماعز مقتولا خطأ فتجب الدية على عواقل القاتلين قلنا إنه لم يرجع صريحا لأنه هرب وبالهرب لا يسقط الحد وتأويل قوله هلا تركتموه أي لينظر في أمره أهرب من ألم الحجارة أو رجع عن إقراره
(٥٧٧)