دليل على أن الحاكم لا يقضي على غائب وذلك أنه صلى الله عليه وسلم إذا منعه من أن يقضي لأحد الخصمين وهما حاضران حتى يسمع كلام الاخر ففي الغائب أولى بالمنع وذلك مكان أن يكون مع الغائب حجة تبطل دعوى الاخر وتدحض حجته قال الأشرف لعل مراد الخطابي بهذا الغائب الغائب عن محل الحكم فحسب دون الغائب إلى مسافة القصر فإن القضاء على الغائب إلى مسافة القصر جائز عند الشافعي كذا في المرقاة (فسوف تدري كيف تقضي) وفي رواية أبي داود فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء (فما زلت قاضيا بعد) أي بعد دعائه وتعليمه صلى الله عليه وسلم والحديث رواه الترمذي هكذا مختصرا ورواه ابن ماجة هكذا بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقلت يا رسول الله بعثتني وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء قال فضرب بيده في صدري ثم قال اللهم اهد قلبه وثبت لسانه قال فما شككت بعد في قضاء بين اثنين ورواه أبو داود نحو ذلك قوله (هذا حديث حسن) وأخرجه أبو داود وابن ماجة ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره باب ما جاء في إمام الرعية قوله (قال عمرو بن مرة) في التقريب عمرو بن مرة الجهني أبو طلحة أو أبو مريم صحابي مات بالشام في خلافة معاوية انتهى وقال صاحب المشكاة عمرو بن مرة يكنى أبا مريم الجهني وقيل الأزدي شهد أكثر المشاهد انتهى قوله (وما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة) أي يحتجب ويمتنع من الخروج عند احتياجهم إليه والخلة بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام الحاجة والفقر فالحاجة والخلة والمسكنة ألفاظ متقاربة وإنما ذكرها للتأكيد والمبالغة (إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته) أي أبعده ومنعه عما يبتغيه من الأمور الدينية أو الدنيوية فلا يجد سبيلا إلى حاجة من حاجاته الضرورية قال القاضي المراد باحتجاب الوالي أن يمنع أرباب الحوائج والمهمات أن يدخلوا عليه فيعرضوها له ويعسر عليهم إنهاوها واحتجاب الله تعالى أن لا يجيب دعوته ويخيب آماله انتهى
(٤٦٨)