شرعا على صور أخرى قال ابن المنذر الذي رخص في العرية هو الذي نهى عن بيع الثمر بالتمر في لفظ واحد من رواية جماعة من الصحابة قال ونظير ذلك الإذن في السلم مع قوله صلى الله عليه وسلم لا تبع ما ليس عندك قال فمن أجاز السلم مع كونه مستثنى من بيع ما ليس عندك ومنع العرية مع كونها مستثناة مع بيع الثمر بالتمر فقد تناقض وأما حملهم الرخصة على الهبة فبعيد مع تصريح الحديث بالبيع واستثناء العرايا منه فلو كان المراد الهبة لما استثنيت العرية من البيع ولأنه عبر بالرخصة والرخصة لا تكون إلا بعد ممنوع والمنع إنما كان في البيع لا الهبة وبأن الرخصة قيدت بخمسة أوسق أو ما دونها والهبة لا تتقيد لأنهم لم يفرقوا في الرجوع في الهبة بين ذي رحم وغيره وبأنه لو كان الرجوع جائزا فليس إعطاؤه بالتمر بدل الرطب بل هو تجديد هبة أخرى فإن الرجوع لا يجوز فلا يصح تأويلهم انتهى قوله (نهى عن المحاقلة والمزابنة) قد تقدم تفسيرها أيضا وهو بيع الثمر في رؤوس النخل بالتمر (إلا أنه قد أذن لأهل العرايا أن يبيعوها بمثل خرصها) الخرص بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء الحرز والاسم بالكسر قال في النهاية خرص النخلة والكرمة يخرصها خرصا إذا حزر ما عليها من الرطب تمرا ومن العنب زبيبا فهو من الخرص الظن لأن الحزر إنما هو تقدير بظن والاسم الخرص بالكسر يقال كم خرص أرضك انتهى قوله (وفي الباب عن أبي هريرة) أخرجه الترمذي وأخرجه الشيخان أيضا (وجابر) أخرجه أحمد والشافعي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم قوله (هكذا روى محمد بن إسحاق هذا الحديث وروى أيوب الخ) يعني روى محمد بن إسحاق النهي عن المحاقلة والمزابنة والرخصة في العرايا كليهما عن ابن عمر عن زيد بن ثابت وروى أيوب وغيره النهي عن المحاقلة والمزابنة عن ابن عمر رضي الله عنه بغير واسطة زيد بن ثابت والرخصة في العرايا عن ابن عمر عن زيد بن ثابت ورواية أيوب وغيره أصح من رواية ابن إسحاق قال الحافظ في الفتح مراد الترمذي أن التصريح بالنهي عن المزابنة لم يرد في حديث زيد بن ثابت وإنما رواه ابن عمر بغير واسطة وروى ابن عمر استثناء العرايا بواسطة زيد بن ثابت فإن كانت رواية ابن إسحاق محفوظة احتمل أن يكون ابن عمر حمل الحديث كله عن زيد بن ثابت وكان عنده بعضه بغير واسطة قال وأشار
(٤٣٩)