ثمانين بعد ما استشار الصحابة قال ودعوى إجماع الصحابة غير مسلمة فإن اختلافهم في ذلك قبل إمارة عمر وبعدها وردت به الروايات الصحيحة ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الاقتصار على مقدار معين بل جلد تارة بالجريدة وتارة بالنعال وتارة بهما فقط وتارة بهما مع الثياب وتارة بالأيدي والنعال والمنقول من المقادير في ذلك إنما هو بطريق التخمين ولهذا قال أنس نحو أربعين فالأولى الاقتصار على ما ورد عن الشارع من الأفعال وتكون جميعها جائزة فأيها وقع فقد حصل به الجلد المشروع الذي أرشدنا إليه صلى الله عليه وسلم بالفعل والقول كما في حديث من شرب الخمر فاجلدوه فالجلد المأمور به هو الجلد الذي وقع منه صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة بين يديه ولا دليل يقتضي تحتم مقدار معين لا يجوز غيره انتهى قلت قد وقع في بعض الروايات أربعين بالجزم كما عرفت ما جاء من شرب الخمر فاجلدوه قوله (عن عاصم) هو ابن بهدلة وهو ابن أبي النجود الكوفي المقري صدوق له أوهام حجة في القراءة (فإن عاد في الرابعة فاقتلوه) قال القاري المراد الضرب الشديد أو الأمر للوعيد فإنه لم يذهب أحد قديما أو حديثا إلى أن شارب الخمر يقتل وقيل كان ذلك في ابتداء الاسلام ثم نسخ انتهى قلت إلى هذا القول الأخير ذهب الترمذي واختاره وأما قول القاري بأنه لم يذهب أحد الخ ففيه نظر فإنه قد ذهب إليه شرذمة قليلة كما نقله القاري نفسه عن القاضي عياض قوله (وفي الباب عن أبي هريرة والشريد والشرحبيل بن أوس وجرير وأبي الرمد البلوي وعبد الله بن عمرو) أما حديث أبي هريرة فأخرجه الخمسة إلا الترمذي عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاضربوا عنقه وزاد أحمد قال الزهري فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسكران في الرابعة فخلى سبيله كذا في المنتقي ورواه ابن حبان في صحيحه وقال معناه إذا استحل ولم يقبل التحريم انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم وأما حديث الشريد فأخرجه الحاكم في المستدرك وأما حديث شرحبيل فأخرجه الحاكم والطبراني وأما حديث جرير وهو ابن عبد الله فأخرجه أيضا الحاكم والطبراني وأما
(٥٩٩)