باب النهي عن البيع في المسجد قوله (وإذا رأيتم من يبيع أو يبتاع) أي يشتري قال القاري حذف المفعول يدل على العموم فيشمل ثوب الكعبة والمصاحف والكتب والسبح (فقولوا) أي لكل منهما باللسان جهرا أو بالقلب سرا قاله القاري قلت الظاهر أن يكون القول باللسان جهرا ويدل عليه حديث بريدة الآتي (لا أربح الله تجارتك) دعاه عليه أي لا جعل الله تجارتك ذات ربح ونفع ولو قال لهما معا لا أربح الله تجارتكما جاز لحصول المقصود (وإذا رأيتم من ينشد) بوزن يطلب ومعناه أي يطلب برفع الصوت (فيه) أي في المسجد (ضالة) قال في النهاية الضالة هي الضائعة من كل ما يقتني من الحيوان وغيره يقال ضل الشئ إذا ضاع وضل عن الطريق إذا حار وهي في الأصل فاعلة ثم اتسع فيها فصارت من الصفات الغالبة وتقع على الذكر والأنثى والاثنين والجمع وتجمع على ضوال انتهى (فقولوا لا ردها الله عليك) وروى مسلم عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليه لأن المساجد لم تبن لهذا وعن بريدة أن رجلا نشد في المسجد فقال من دعا إلى الجمل الأحمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له قال النووي في هذين الحديثين فوائد منها النهي عن نشد الضالة في المسجد ويلحق به ما في معناه من البيع والشراء والإجارة ونحوها من العقود وكراهة رفع الصوت فيه قال القاضي قال مالك وجماعة من العلماء يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره وأجاز أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس لأنه مجمعهم ولا بدلهم منه انتهى قوله (حديث أبي هريرة حديث حسن غريب) وأخرجه الدارمي وأحمد والنسائي في اليوم والليلة وابن خزيمة والحاكم وقال صحيح على شرط
(٤٥٨)