الكلب وتعقب باستبعاد ما تأوله ومنافرة سياق الأحاديث له وبأن عرف الشرع في مثل هذه الأشياء يريد به المبالغة في الزجر كقوله من لعب بالنرد شير فكأنما غمس يده في لحم خنزير قال الحافظ في الفتح قوله (لا يحل لأحد أن يعطى عطية فيرجع) بالنصب عطف على يعطى (فيها) أي في عطيته (إلا الوالد) بالنصب على الاستثناء واحتج به من قال بتحريم الرجوع في الهبة إلا هبة الوالد لولده وهم جمهور العلماء قوله (حديث ابن عباس حديث حسن صحيح) وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وصححاه قوله (قالوا من وهب هبة لذي رحم محرم فليس له أن يرجع في هبته ومن وهب هبة لغير ذي رحم محرم فله أن يرجع فيها ما لم يثب) بصيغة المجهول أي ما لم يعوض (منها) أي من هبته (وهو قول الثوري) وهو قول أصحاب أبي حنيفة رحمه الله قال القاضي رحمه الله حديث ابن عمر وابن عباس نص صريح على أن جواز الرجوع مقصور على ما وهب الوالد من ولده وإليه ذهب الشافعي وعكس الثوري وأصحاب أبي حنيفة وقالوا لا رجوع للواهب فيما وهب لولده أو لأحد من محارمه ولأحد الزوجين فيما وهب للآخر وله الرجوع فيما وهب للأجانب وجوز مالك الرجوع مطلقا إلا في هبة أحد الزوجين من الآخر وأول بعض الحنفية هذا الحديث بأن قوله لا يحل معناه التحذير عن الرجوع لا نفي الجواز عنه كما في قولك لا يحل للواجد رد السائل وقوله إلا الوالد لولده معناه أن له أن يأخذ ما وهب لولده ويتصرف في نفقته وسائر ما يجب له عليه وقت حاجته كسائر أمواله استيفاء لحقه من ماله لا استرجاعا لما وهب ونقضا للهبة وهو مع بعده عدول عن الظاهر بلا دليل انتهى كلام القاضي قال القاري في المرقاة متعقبا عليه المجتهد أسير الدليل وما لم يكن له دليل لم يحتج إلى التأويل انتهى قلت قد أخرج مالك عن عمر أنه قال من وهب هبة يرجو ثوابها وهي رد على صاحبها ما لم يثب منها ورواه البيهقي عن ابن عمر مرفوعا وصححه الحاكم قال الحافظ والمحفوظ من رواية ابن عمر عن عمر ورواه عبد الله بن موسى مرفوعا قيل وهو وهم قال الحافظ صححه الحاكم وابن حزم ورواه ابن حزم أيضا عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ
(٤٣٦)