باب ما جاء في الحث على الوصية قوله (ما) أي ليس (حق امرئ مسلم) قال الحافظ كذا في أكثر الروايات وسقط لفظ مسلم من رواية أحمد عن إسحاق بن عيسى عن مالك والوصف بالمسلم خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له أو ذكر للتهييج لتقع المبادرة لامتثاله لما يشعر به من نفي الاسلام عن تارك ذلك ووصية الكافر جائزة في الجملة وحكى ابن المنذر فيه الاجماع وقد بحث فيه السبكي من جهة أن الوصية شرعت زيادة في العمل الصالح والكافر لا عمل له بعد الموت وأجاب بأنهم نظروا إلى أن الوصية كالإعتاق وهو يصح عن الذمي والحربي (يبيت) كأن فيه حذفا تقديره أن يبيت وهو كقوله تعالى (ومن آياته يريكم البرق) الآية ويجوز أن يكون يبيت صفة لمسلم وبه جزم الطيبي (وله شئ) جملة حالية (يوصي فيه) صفة شئ (إلا ووصيته مكتوبة عنده) قال الطيبي رحمه الله ما بمعنى ليس ويبيت صفة ثالثة لامرئ ويوصي فيه صفة شئ والمستثنى خبر أي لليس ثم قيد ليلتين على ما قاله المظهر تأكيد وليس بتحديد والمعنى لا ينبغي له أن يمضي عليه زمان وإن كان قليلا في حال من الأحوال إلا أن يبيت بهذه الحال وهي أن يكون وصيته مكتوبة عنده لأنه لا يدري متى يدركه الموت قال الطيبي رحمه الله وفي تخصيص ليلتين تسامح في إرادة المبالغة أي لا ينبغي أن يبيت ليلة وقد سامحناه في هذا المقدار فلا ينبغي أن يتجاوز عنه قال النووي فيه دليل على وجوب الوصية والجمهور على أنها مندوبة وبه قال الشافعي رحمه الله ومعناه ما الحزم والاحتياط لمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده وقال داود وغيره من أهل الظاهر هي واجبة بهذا الحديث ولا دلالة فيه على الوجوب لكن إن كان على الانسان دين أو وديعة لزمه الايصاء بذلك ويستحب تعجيلها وأن يكتبها فصحيفة ويشهد عليه فيها وإن تجدد له أمر يحتاج إلى الوصية به ألحقه بها قوله (وفي الباب عن ابن أبي أوفى) أخرجه البخاري من طريق طلحة بن مصرف قال سألت عبد الله بن أبي أوفى هل كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصى فقال لا فقلت كيف كتب على الناس الوصية
(٤٢)