واستنكره ابن قتيبة واحتج بقوله تعالى وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه فعلى هذا فتكون اللغات السبع في بطون قريش وبذلك جزم أبو علي الأهوازي وقال أبو عبيد ليس المراد ان كل كلمة تقرأ على سبع لغات بل اللغات السبع مفرقة فيه فبعضه بلغة قريش وبعضه بلغة هذيل وبعضه بلغة هوازن وبعضه بلغة اليمن وغيرهم قال وبعض اللغات أسعد بها من بعض وأكثر نصيبا وقيل نزل بلغة مضر خاصة لقول عمر نزل القرآن بلغة مضر وعين بعضهم فيما حكاه ابن عبد البر السبع من مضر أنهم هذيل وكنانة وقيس وضبة وتيم الرباب وأسد بن خزيمة وقريش فهذه قبائل مضر تستوعب سبع لغات ونقل أبو شامة عن بعض الشيوخ أنه قال أنزل القرآن أولا بلسان قريش ومن جاورهم من العرب الفصحاء ثم أبيح للعرب أن يقرؤه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والاعراب ولم يكلف أحد منهم الانتقال من لغته إلى لغة أخرى للمشقة ولما كان فيهم من الحمية ولطلب تسهيل فهم المراد كل ذلك مع اتفاق المعنى وعلى هذا يتنزل اختلافهم في القراءة كما تقدم وتصويب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا منهم (قلت) وتتمة ذلك أن يقال إن الإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي أي ان كل أحد يغير الكلمة بمرادفها في لغته بل المراعى في ذلك السماع من النبي صلى الله عليه وسلم ويشير إلى ذلك قول كل من عمر وهشام في حديث الباب أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم لكن ثبت عن غير واحد من الصحابة انه كان يقرأ بالمرادف ولم لم مسموعا له ومن ثم أنكر عمر على ابن مسعود قراءته عنى حين أي حتى حين وكتب إليه ان القرآن لم ينزل بلغة هذيل فأقرئ الناس بلغة قريش ولا تقرئهم بلغة هذيل وكان ذلك قبل أن يجمع عثمان الناس على قراءة واحدة قال ابن عبد البر بعد ان أخرجه من طريق أبى داود بسنده يحتمل أن يكون هذا من عمر على سبيل الاختيار لا ان الذي قرأ به ابن مسعود لا يجوز قال وإذا أبيحت قراءته على سبعة أوجه أنزلت جاز الاختيار فيما أنزل قال أبو شامة ويحتمل أن يكون مراد عمر ثم عثمان بقولهما نزل بلسان قريش ان ذلك كان أول نزوله ثم إن الله تعالى سهله على الناس فجوز لهم أن يقرؤه على لغاتهم على أن لا يخرج ذلك عن لغات العرب لكونه بلسان عربي مبين فأما من أراد قراءته من غير العرب فالاختيار له أن يقرأه بلسان قريش لأنه الأولى وعلى هذا يحمل ما كتب به عمر إلى ابن مسعود لان جميع اللغات بالنسبة لغير العربي مستوية في التعبير فإذا لابد من واحدة فلتكن بلغة النبي صلى الله عليه وسلم وأما العربي المجبول على لغته فلو كلف قراءته بلغة قريش لعسر عليه التحول مع إباحة الله له أن يقرأه بلغته ويشير إلى هذا قوله في حديث أبي كما تقدم هون على أمتي وقوله إن أمتي لا تطيق ذلك وكأنه انتهى عند السبع لعلمه أنه لا تحتاج لفظة من ألفاظه إلى أكثر من ذلك العدد غالبا وليس المراد كما تقدم ان كل لفظة منه تقرأ على سبعة أوجه قال ابن عبد البر وهذا مجمع عليه بل هو غير ممكن بل لا يوجد في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه الا الشئ القليل مثل عبد الطاغوت وقد أنكر ابن قتيبة أن يكون في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه ورد عليه ابن الأنباري بمثل عبد الطاغوت ولا تقل لهما أف وجبريل ويدل على ما قرره انه أنزل أولا بلسان قريش ثم سهل على الأمة أن يقرؤه بغير لسان قريش وذلك بعد ان كثر دخول العرب في الاسلام فقد ثبت ان ورود التخفيف بذلك كان بعد الهجرة كما تقدم في حديث أبي بن كعب أن جبريل لقى
(٢٤)