وقد جاء في سبب نزول الآية أثر آخر من وجه صحيح قال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد كان الرجل يذهب الأعمى أو الأعرج أو المريض إلى بيت أبيه أو أخيه أو قريبه فكان الزمنى يتحرجون من ذلك ويقولون انما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم فنزلت الآية رخصة لهم وقال ابن المنير موضع المطابقة من الترجمة وسط الآية وهى قوله تعالى ليس علكيم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا وهى أصل في جواز أكل المخارجة ولهذا ذكر في الترجمة النهد والله أعلم * (قوله باب الخبز المرقق والاكل على الخوان والسفرة) أما الخبز المرقق فقال عياض قوله مرققا أي ملينا محسنا كخبز الحوارى وشبهه والترقيق التليين ولم يكن عندهم مناخل وقد يكون المرقق الرقيق الموسع اه وهذا هو المتعارف وبه جزم ابن الأثير قال الرقاق الرقيق مثل طوال وطويل وهو الرغيف الواسع الرقيق وأغرب ابن التين فقال هو السميد وما يصنع منه من كعك وغيره وقال ابن الجوزي هو الخفيف كأنه مأخوذ من الرقاق وهى الخشبة التي يرقق بها واما الخوان فالمشهور فيه كسر المعجمة ويجوز ضمها وفيه لغة ثالثة اخوان بكسر الهمزة وسكون الخاء وسئل ثعلب هل يسمى الخوان لأنه يتخون ما عليه أي ينتقص فقال ما يبعد قال الجواليقي والصحيح أنه أعجمي معرب ويجمع على اخوته في القلة وخون مضموم الأول في الكثرة وقال غيره الخوان المائدة ما لم يكن عليها طعام واما السفرة فاشتهرت لما يوضع عليها الطعام وأصلها الطعام نفسه (قوله كنا عند أنس وعنده خباز له) لم أقف على تسميته ووقع عند الإسماعيلي عن قتادة كنا نأتى أنسا وخبازه قائم زاد ابن ماجة وخوانه موضوع فيقول كلوا وفى الطبراني من طريق راشد بن أبي راشد قال كان لأنس غلام يعمل له النقانق ويطبخ له لونين طعاما ويخبز له الحوارى ويعجنه بالسمن اه والحوارى بضم المهملة وتشديد الواو وفتح الراء الخالص الذي ينخل مرة بعد مرة (قوله ما أكل النبي صلى الله عليه وسلم خبزا مرققا ولا شاة مسموطة) المسموط الذي أزيل شعره بالماء المسخن وشوى بجلده أو يطبخ وانما يصنع ذلك في الصغير السن الطري وهو من فعل المترفين من وجهين أحدهما المبادرة إلى ذبح ما لو بقى لازداد ثمنه وثانيهما أن المسلوخ ينتفع بجلده في اللبس وغيره والسمط يفسده وقد جرى ابن بطال على أن المسموط المشوى فقال ما ملخصه يجمع بين هذا وبين حديث عمرو بن أمية أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة وحديث أم سلمة الذي أخرجه الترمذي أنها قربت للنبي صلى الله عليه وسلم جنبا مشويا فأكل منه بأن يقال يحتمل أن يكون لم يتفق أن تسمط له شاة بكمالها لأنه قد احتز من الكتف مرة ومن الجنب أخرى وذلك لحم مسموط أو يقال إن أنسا قال لا أعلم ولم يقطع به ومن علم حجة على من لم يعلم وتعقبه ابن المنير بأنه ليس في حز الكتف ما يدل على أن الشاة كانت مسموطة بل انما حزها لان العرب كانت عادتها غالبا أنها لا تنضج اللحم فاحتيج إلى الحز قال ولعل ابن بطال لما رأى البخاري ترجم بعد هذا باب شاة مسموطة والكتف والجنب ظن أن مقصوده اثبات أنه أكل السميط (قلت) ولا يلزم أيضا من كونها مشوية واحتز من كتفها أو جنبها أن تكون مسموطة فان شئ المسلوخ أكثر من شئ المسموط لكن قد ثبت أنه أكل الكراع وهو لا يؤكل الا مسموطا وهذا لا يرد على أنس في نفى رواية الشاة المسموطة وقد وافقه أبو هريرة على نفى أكل الرقاق
(٤٦٣)