وغيره أيضا سألوه عن ذلك * (قوله باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في غير بيوتهن) كأنه يشير إلى أن قوله واهجروهن في المضاجع لا مفهوم له وأنه تجوز الهجرة فيما زاد على ذلك كما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من هجره لأزواجه في المشربة وللعلماء في ذلك اختلاف أذكره بعد (قوله ويذكر عن معاوية بن حيدة) بفتح الحاء المهملة وسكون التحتانية صحابي مشهور وهو جد بهز بن حكيم بن معاوية (قوله رفعه ولا تهجر الا في البيت) في رواية الكشميهني غير أن لا تهجر الا في البيت وهذا طرف من حديث طويل أخرجه أحمد وأبو داود والخرائطي في مكارم الأخلاق وابن منده في غرائب شعبة كلهم من رواية أبى قزعة سويد عن حكيم بن معاوية عن أبيه وفيه ما حق المرأة على الزوج قال يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى ولا يضرب الوجه ولا يقبح ولا يهجر الا في البيت (قوله والأول أصح) يعنى حديث أنس أصح من حديث معاوية بن حيدة وهو كذلك ولكن يمكن الجمع بينهما كما سأذكره واقتضى صنيعه أن هذه الطريق تصلح للاحتجاج بها وإن كانت دون غيرها في الصحة وانما صدرها بصيغة التمريض إشارة إلى انحطاط رتبتها ووقع في شرح الكرماني قوله ويذكر عن معاوية بن حيدة رفعه ولا تهجر الا في البيت أي ويذكر عن معاوية ولا تهجر الا في البيت مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم والأول أي الهجرة في غير البيوت أصح اسنادا وفى بعضها أي بعض النسخ من البخاري غير أن لا تهجر الا في البيت قال فحينئذ ففاعل يذكر هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في غير بيوتهن أي ويذكر عن معاوية رفعه غير أن لا تهجر أي رويت قصة الهجرة عنه مرفوعة الا أنه قال لا تهجر الا في البيت وهذا الذي تلمحه غلط محض فان معاوية بن حيدة ما روى قصة هجر النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه ولا يوجد هذا في شئ من المسانيد ولا الاجزاء وليس مراد البخاري ما ذكره وانما مراده حكاية ما ورد في سياق حديث معاوية بن حيدة فان في بعض طرقه ولا يقبح ولا يضرب الوجه غير أن لا يهجر الا في البيت فظن الكرماني أن الاستثناء من تصرف البخاري وليس كذلك بل هو حكاية منه عما ورد من لفظ الحديث والله أعلم قال المهلب هذا الذي أشار إليه البخاري كأنه أراد أن تستن الناس بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من الهجر في غير البيوت رفقا بالنساء لان هجرانهن مع الإقامة معهن في البيوت آلم لأنفسهن وأوجع لقلوبهن بما يقع من الاعراض في تلك الحال ولما في الغيبة من الأعين من التسلية عن الرجال قال وليس ذلك بواجب لان الله قد أمر بهجرانهن في المضاجع فضلا عن البيوت وتعقبه ابن المنير بأن البخاري لم يرد ما فهمه وانما أراد أن الهجران يجوز أن يكون في البيوت وفى غير البيوت وأن الحصر المذكور في حديث معاوية بن حيدة غير معمول به بل يجوز الهجر في غير البيوت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم اه والحق أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال فربما كان الهجران في البيوت أشد من الهجران في غيرها وبالعكس بل الغالب أن الهجران في غير البيوت آلم للنفوس وخصوصا النساء لضعف نفوسهن واختلف أهل التفسير في المراد بالهجران فالجمهور على أنه ترك الدخول عليهن والإقامة عندهن على ظاهر الآية وهو من الهجران وهو البعد وظاهره أنه لا يضاجعها وقيل المعنى يضاجعها ويوليها ظهره وقيل يمتنع من جماعها وقيل يجامعها ولا يكلمها وقيل اهجروهن مشتق من الهجر بضم الهاء وهو الكلام القبيح أي أغلظوا
(٢٦٣)