الانتفاء فان أراد أن الملاعنة سبب ثبوت الانتفاء فجيد وان أراد أن الملاعنة سبب وجود الانتفاء فليس كذلك فإنه ان لم يتعرض لنفى الولد في الملاعنة لم ينتف والحديث في الموطأ بلفظ وانتفى بالواو لا بالفاء وذكر ابن عبد البر أن بعض الرواة عن مالك ذكره بلفظ وانتقل يعنى بقاف بدل الفاء ولام آخره وكأنه تصحيف وإن كان محفوظا فمعناه قريب من الأول وقد تقدم الحديث في تفسير النور من وجه آخر عن نافع بلفظ ان رجلا رمى امرأته وانتفى من ولدها فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم فتلاعنا فوضح أن الانتفاء سبب الملاعنة لا العكس واستدل بهذا الحديث على مشروعية اللعان لنفى الولد وعن أحمد ينتفى الولد بمجرد اللعان ولو لم يتعرض الرجل لذكره في اللعان وفيه نظر لأنه لو استحلقه لحقه وانما يؤثر لعان الرجل دفع حد القذف عنه وثبوت زنا المرأة ثم يرتفع عنها الحد بالتعانها وقال الشافعي ان نفى الولد في الملاعنة انتفى وان لم يتعرض له فله أن يعيد اللعان لانتفائه ولا إعادة على المرأة وان أمكنه الرفع إلى الحاكم فاخر بغير عذر حتى ولدت لم يكن له أن ينفيه كما في الشفعة واستدل به على أنه لا يشترط في نفى الحمل تصريح الرجل بأنها ولدت من زنا ولا أنه استبرأها بحيضة وعن المالكية يشترط ذلك واحتج بعض من خالفهم بأنه نفى الحمل عنه من غير أن يتعرض لذلك بخلاف اللعان الناشئ عن قذفها واحتج الشافعي بأن الحامل قد تحيض فلا معنى لاشتراط الاستبراء قال ابن العربي ليس عن هذا جواب مقنع (قوله ففرق بينهما وألحق الولد بالمرأة) قال الدارقطني تفرد مالك بهذه الزيادة قال ابن عبد البر ذكروا أن مالكا تفرد بهذه اللفظة في حديث ابن عمر وقد جاءت من أوجه أخرى في حديث سهل بن سعد كما تقدم من رواية يونس عن الزهري عند أبي داود بلفظ ثم خرجت حاملا فكان الولد إلى أمه ومن رواية الأوزاعي عن الزهري وكان الولد يدعى إلى أمه ومعنى قوله ألحق الولد بأمه أي صيره لها وحدها ونفاه عن الزوج فلا توارث بينهما وأما أمه فترث منه ما فرض الله لها كما وقع صريحا في حديث سهل بن سعد كما تقدم في شرح حديثه في آخره وكان ابنها يدعى لامه ثم جرت السنة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض الله لها وقيل معنى الحاقه بأمه أنه صيرها له أبا وأما فترث جميع ماله إذا لم يكن له وارث آخر من ولد ونحوه وهو قول ابن مسعود وواثلة وطائفة ورواية عن أحمد وروى أيضا عن ابن القاسم وعنه معناه أن عصبة أمه تصير عصبة له وهو قول على وابن عمر والمشهور عن أحمد وقيل ترثه أمه واخوته منها بالفرض والرد وهو قول أبى عبيد ومحمد بن الحسن ورواية عن أحمد قال فإن لم يرثه ذو فرض بحال فعصبته عصبة أمه واستدل به على أن الولد المنفى باللعان لو كان بنتا حل للملاعن نكاحها وهو وجه شاذ لبعض الشافعية والأصح كقول الجمهور أنها تحرم لأنها ربيبته في الجملة * (قوله باب قول الإمام اللهم بين) قال ابن العربي ليس معنى هذا الدعاء طلب ثبوت صدق أحدهما فقط بل معناه أن تلد ليظهر الشبه ولا يمتنع دلالتها بموت الولد مثلا فلا يظهر البيان والحكمة فيه ردع من شاهد ذلك عن التلبس بمثل ما وقع لما يترتب على ذلك من القبح ولو اندرأ الحد (قوله حدثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس ويحيى بن سعيد هو الأنصاري (قوله أخبرني عبد الرحمن بن القاسم) ثبتت هذه الرواية وكذا رواية الليث السابقة قبل أربعة أبواب أن رواية ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن القاسم التي أخرجها الشافعي وغيره وقعت فيها تسوية ويحيى وإن كان سمع من القاسم لكنه ما سمع هذا
(٤٠٥)