السبب إذا ورد في مثل هذه القصة لأنه لم يجعل الآية حاصرة لما يحرم من المأكولات مع ورود صيغة العموم فيها وذلك أنها وردت في الكفار الذين يحلون الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ويحرمون كثيرا مما أباحه الشرع فكان الغرض من الآية إبانة حالهم وانهم يضادون الحق فكأنه قيل لا حرام الا ما حللتموه مبالغة في الرد عليهم وحكى القرطبي عن قوم أن آية الانعام المذكورة نزلت في حجة الوداع فتكون ناسخة ورد بأنها مكية كما صرح به كثير من العلماء ويؤيده ما تقدم قبلها من الآيات من الرد على مشركي العرب في تحريمهم ما حرموه من الأنعام وتخصيصهم بعض ذلك بآلهتهم إلى غير ذلك مما سبق للرد عليهم وذلك كله قبل الهجرة إلى المدينة واختلف القائلون بالتحريم في المراد بما له ناب فقيل إنه ما يتقوى به ويصول على غيره ويصطاد ويعدو بطبعه غالبا كالأسد والفهد والصقر والعقاب واما ما لا يعدو كالضبع والثعلب فلا والى هذا ذهب الشافعي والليث ومن تبعهما وقد ورد في حل الضبع أحاديث لا بأس بها واما الثعلب فورد في تحريمه حديث خزيمة بن جزء عند الترمذي وابن ماجة ولكن سنده ضعيف * (قوله باب جلود الميتة) زاد في البيوع قبل أن تدبغ فقيده هناك بالدباغ وأطلق هنا فيحمل مطلقه على مقيده (قوله عن صالح) هو ابن كيسان (قوله مر بشاة) كذا للأكثر عن الزهري وزاد في بعض الرواة عن الزهري عن ابن عباس عن ميمونة أخرجه مسلم وغيره من رواية ابن عيينة والراجح عند الحفاظ في حديث الزهري ليس فيه ميمونة نعم أخرج مسلم والنسائي من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أن ميمونة أخبرته (قوله باهابها) بكسر الهمزة وتخفيف الهاء هو الجلد قبل أن يدبغ وقيل هو الجلد دبغ أو لم يدبغ وجمعه أهب بفتحتين ويجوز بضمتين زاد مسلم من طريق ابن عيينة هلا أخذتم اهابها فدبغتموه فانتفعتم به وأخرج مسلم أيضا من طريق ابن عيينة أيضا عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس نحوه قال ألا أخذوا اهابها فدبغوه فانتفعوا به وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه الدارقطني وقال حسن (قوله قالوا إنها ميتة) لم أقف على تعيين القائل (قوله قال انما حرم أكلها) قال ابن أبي جمرة فيه مراجعة الامام فيما لا يفهم السامع معنى ما أمره كأنهم قالوا كيف تأمرنا بالانتفاع بها وقد حرمت علينا فبين له وجه التحريم ويؤخذ منه جواز تخصيص الكتاب بالسنة لان لفظ القرآن حرمت عليكم الميتة وهو شامل لجميع أجزائها في كل حال فخصت السنة ذلك بالاكل وفيه حسن مراجعتهم وبلاغتهم في الخطاب لانهم جمعوا معاني كثيرة في كلمة واحدة وهى قولهم إنها ميتة واستدل به الزهري بجواز الانتفاع بجلد الميتة مطلقا سواء أدبغ أم لم يدبغ لكن صح التقييد من طرق أخرى بالدباغ وهى حجة الجمهور واستثنى الشافعي من الميتات الكلب والخنزير وما تولد منهما لنجاسة عينها عنده ولم يستثن أبو يوسف وداود شيئا أخذا بعموم الخبر وهى رواية عن مالك وقد أخرج مسلم من حديث ابن عباس رفعه إذا دبغ الإهاب فقد طهر ولفظ الشافعي والترمذي وغيرهما من هذا الوجه أيما اهاب دبغ فقد طهر وأخرج مسلم اسنادها ولم يسق لفظها فأخرجه أبو نعيم في المستخرج من هذا الوجه باللفظ المذكور وفى لفظ مسلم من هذا الوجه عن ابن عباس سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال دباغه طهوره وفى رواية للبزار من وجه آخر قال دباغ الأديم طهوره وجزم الرافعي وبعض أهل
(٥٦٧)