مروان الامر بعدها وأعدمها أيضا خشية أن يقع لاحد منها توهم أن فيها ما يخالف المصحف الذي استقر عليه الامر كما تقدم واستدل بتحريق عثمان الصحف على القائلين بقدم الحروف والأصوات لأنه لا يلزم من كون كلام الله قديما أن تكون الأسطر المكتوبة في الورق قديمة ولو كانت هي عين كلام الله لم يستجز الصحابة احراقها والله أعلم (قوله قال ابن شهاب وأخبرني خارجة الخ) هذه هي القصة الثالثة وهى موصولة إلى ابن شهاب بالاسناد المذكور كما تقدم بيانه واضحا وقد تقدمت موصولة مفردة في الجهاد وفى تفسير سورة الأحزاب وظاهر حديث زيد بن ثابت هذا أنه فقد آية الأحزاب من الصحف التي كان نسخها في خلافة أبى بكر حتى وجدها مع خزيمة بن ثابت ووقع في رواية إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن ابن شهاب ان فقده إياها انما كان في خلافة أبى بكر وهو وهم منه والصحيح ما في الصحيح وان الذي فقده في خلافة أبى بكر الآيتان من آخر براءة وأما التي في الأحزاب ففقدها لما كتب المصحف في خلافة عثمان وجزم ابن كثير بما وقع في رواية ابن مجمع وليس كذلك والله أعلم قال ابن التين وغيره الفرق بين جمع أبى بكر وبين جمع عثمان ان جمع أبى بكر كان لخشية أن يذهب من القرآن شئ بذهاب حملته لأنه لم يكن مجموعا في موضع واحد فجمعه في صحائف مرتبا لآيات سوره على ما وقفهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم وجمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القرآن حين قرؤه بلغاتهم على اتساع اللغات فأدى ذلك بعضهم إلى تخطئة بعض فخشى من تفاقم الامر في ذلك فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مرتبا لسوره كما سيأتي في باب تأليف القرآن واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش محتجا بأنه نزل بلغتهم وإن كان قد وسع في قراءته بلغة غيرهم رفعا للحرج والمشقة في ابتداء الامر فرأى أن الحاجة إلى ذلك انتهت فاقتصر على لغة واحدة وكانت لغة قريش أرجح اللغات فاقتصر عليها وسيأتى زيد بيان لذلك بعد باب واحد * (تنبيه) * قال ابن معين لم يرو أحد حديث جمع القرآن أحسن من سياق إبراهيم بن سعد وقد روى مالك طرفا منه عن ابن شهاب * (قوله باب كاتب النبي صلى الله عليه وسلم) قال ابن كثير ترجم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر سوى حديث زيد بن ثابت وهذا عجيب فكأنه لم يقع له على شرطه غير هذا ثم أشار إلى أنه استوفى بيان ذلك في السيرة النبوية (قلت) لم أقف في شئ من النسخ الا بلفظ كاتب بالافراد وهو مطابق لحديث الباب نعم قد كتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة غير زيد بن ثابت أما بمكة فلجميع ما نزل بها لان زيد بن ثابت انما أسلم بعد الهجرة وأما بالمدينة فأكثر ما كان يكتب زيد ولكثرة تعاطيه ذلك أطلق عليه الكاتب بلام العهد كما في حديث البراء بن عازب ثاني حديثي الباب ولهذا قال له أبو بكر انك كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان زيد بن ثابت ربما غاب فكتب الوحي غيره وقد كتب له قبل زيد بن ثابت أبي بن كعب وهو أول من كتب له بالمدينة وأول من كتب له بمكة من قريش عبد الله بن سعد بن أبي سرح ثم ارتد ثم عاد إلى الاسلام يوم الفتح وممن كتب له في الجملة الخلفاء الأربعة والزبير بن العوام وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص بن أمية وحنظلة بن الربيع الأسدي ومعيقيب بن أبي فاطمة وعبد الله بن الأرقم الزهري وشرحبيل بن حسنة وعبد الله بن رواحة في آخرين وروى أحمد وأصحاب السنن الثلاثة وصححه ابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن عباس عن عثمان بن عفان قال
(١٩)