وهو المشار إليه بالاستثناء في قوله تعالى سنقرئك فلا تنسى الا ما شاء الله قال فأما القسم الأول فعارض سريع الزوال لظاهر قوله تعالى انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون وأما الثاني فداخل في قوله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسها على قراءة من قرأ بضم أوله من غير همزة (قلت) وقد تقدم توجيه هذه القراءة وبيان من قرأ بها في تفسير البقرة وفى الحديث حجة لمن أجاز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم فيما ليس طريقه البلاغ مطلقا وكذا فيما طريقه البلاغ لكن بشرطين أحدهما انه بعدما يقع منه تبليغه والآخر أنه لا يستمر على نسيانه بل يحصل له تذكرة اما بنفسه واما بغيره وهل يشترط في هذا الفور قولان فاما قبل تبليغه فلا يجوز عليه فيه النسيان أصلا وزعم بعض الأصوليين وبعض الصوفية أنه لا يقع منه نسيان أصلا وانما يقع منه صورته ليسن قال عياض لم يقل به من الأصوليين أحد الا أبا المظفر الأسفرايني وهو قول ضعيف وفى الحديث أيضا جواز رفع الصوت بالقراءة في الليل وفى المسجد والدعاء لمن حصل له من جهته خير وان لم يقصد المحصول منه ذلك واختلف السلف في نسيان القرآن فمنهم من جعل ذلك من الكبائر وأخرج أبو عبيد من طريق الضحاك بن مزاحم موقوفا قال ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه الا بذنب أحدثه لان الله يقول وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ونسيان القرآن من أعظم المصائب واحتجوا أيضا بما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أنس مرفوعا عرضت على ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أوتيها رجل ثم نسيها في اسناده ضعف وقد أخرج ابن أبي داود من وجه آخر مرسل نحوه ولفظه أعظم من حامل القرآن وتاركه ومن طريق أبى العالية موقوفا كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه واسناده جيد ومن طريق ابن سيرين باسناد صحيح في الذي ينسى القرآن كانوا يكرهونه ويقولون فيه قولا شديدا ولابى داود عن سعد بن عبادة مرفوعا من قرأ القرآن ثم نسيه لقى الله وهو أجذم وفى اسناده أيضا مقال وقد قال به من الشافعية أبو المكارم الروياني واحتج بأن الاعراض عن التلاوة يتسبب عنه نسيان القرآن ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به والتهاون بأمره وقال القرطبي من حفظ القرآن أو بعضه فقد علت رتبته بالنسبة إلى من لم يحفظه فإذا أخل بهذه الرتبة الدينية حتى تزحزح عنها أن يعاقب على ذلك فان ترك معاهدة القرآن يفضى إلى الرجوع إلى الجهل والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد وقال إسحاق بن راهويه يكره للرجل أن يمر عليه أربعون يوما لا يقرأ فيها القرآن ثم ذكر حديث عبد الله ابن مسعود بئس ما لأحدكم أن يقول نسيت آية كيت وكيت وقد تقدم شرحه قريبا وسفيان في السند هو الثوري واختلف في معنى أجذم فقيل مقطوع اليد وقيل مقطوع الحجة وقيل مقطوع السبب من الخير وقيل خالي اليد من الخير وهى متقاربة وقيل يحشر مجذوما حقيقة ويؤيده أن في رواية زائدة بن قدامة عند عبد بن حميد أتى الله يوم القيامة وهو مجذوم وفيه جواز قول المرء أسقطت آية كذا من سورة كذا إذا وقع ذلك منه وقد أخرج ابن أبي داود من طريق أبى عبد الرحمن السلمي قال لا تقل أسقطت كذا بل قل أغفلت وهو أدب حسن وليس واجبا * (قوله باب من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا) أشار بذلك إلى الرد على من كره ذلك وقال لا يقال الا السورة التي يذكر فيها كذا وقد تقدم في الحج من طريق
(٧٦)