عائشة في قوله تعالى ويستفتونك في النساء أورده مختصرا وقد تقدم شرحه مستوفى في التفسير ووجه الدلالة منه ان قوله فرغب عنها أن يتزوجها أعم من أن يتولى ذلك بنفسه أو يأمر غيره فيزوجه وبه احتج محمد بن الحسن على الجواز لان الله لما عاتب الأولياء في تزويج من كانت من أهل المال والجمال بدون سنتها من الصداق وعاتبهم على ترك تزويج من كانت قليلة المال والجمال دل على أن الولي يصح منه تزويجها من نفسه إذ لا يعاتب أحد على ترك ما هو حرام عليه ودل ذلك أيضا على أنه يتزوجها ولو كانت صغيرة لأنه أمر أن يقسط لها في الصداق ولو كانت بالغا لما منع أن يتزوجها بما تراضيا عليه فعلم أن المراد من لا أمر لها في نفسها وقد أجيب باحتمال أن يكون المراد بذلك السفيهة فلا أثر لرضاها بدون مهر مثلها كالبكر ثم ذكر المصنف حديث سهل بن سعد في الواهبة وسيأتى شرحه قريبا ووجه الاخذ منه الاطلاق أيضا لكن انفصل من منع ذلك بأنه معدود من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن يزوج نفسه وبغير ولى ولا شهود ولا استئذان وبلفظ الهبة كما يأتي تقريره وقوله فيه فلم يردها بسكون الدال من الإرادة وحكى بعض الشراح تشديد الدال وفتح أوله وهو محتمل * (قوله باب انكاح الرجل ولده الصغار) ضبط ولده بضم الواو وسكون اللام على الجمع وهو واضح وبفتحهما على أنه اسم جنس وهو أعم من الذكور والإناث (قوله لقول الله تعالى واللائي لم يحضن فجعل عدتها ثلاثة أشهر قبل البلوغ) أي فدل على أن نكاحها قبل البلوغ جائز وهو استنباط حسن لكن ليس في الآية تخصيص ذلك بالوالد ولا بالبكر ويمكن أن يقال الأصل في الابضاع التحريم الا ما دل عليه الدليل وقد ورد حديث عائشة في تزويج أبى بكر لها وهى دون البلوغ فبقى ما عداه على الأصل ولهذا السر أورد حديث عائشة قال المهلب أجمعوا انه يجوز للأب تزويج ابنته الصغيرة البكر ولو كانت لا يوطأ مثلها الا ان الطحاوي حكى عن ابن شبرمة منعه فيمن لا توطأ وحكى ابن حزم عن ابن شبرمة مطلقا ان الأب لا يزوج بنته البكر الصغيرة حتى تبلغ وتأذن وزعم أن تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وهى بنت ست سنين كان من خصائصه ومقابله تجويز الحسن والنخعي للأب اجبار بنته كبيرة كانت أو صغيرة بكرا كانت أو ثيبا * (تنبيه) * وقع في حديث عائشة من هذا الوجه ادراج يظهر من الطريق التي في الباب الذي بعده * (قوله باب تزويج الأب ابنته من الامام) في هذه الترجمة إشارة إلى أن الولي الخاص يقدم على الولي العام وقد اختلف فيه عن المالكية (قولة وقال عمر الخ) هو طرف من حديثه الذي تقدم موصولا قريبا ثم ذكر حديث عائشة وقوله فيه قال هشام يعنى ابن عروة وهو موصول بالاسناد المذكور وقوله وأنبئت إلى آخره لم يسم من أنبأه بذلك ويشبه أن يكون حمله عن امرأته فاطمة بنت المنذر عن جدتها أسماء قال ابن بطال دل حديث الباب على أن الأب أولى في تزويج ابنته من الامام وان السلطان ولى من لا ولى لها وان الولي من شروط النكاح (قلت) ولا دلالة في الحديثين على اشتراط شئ من ذلك وانما فيهما وقوع ذلك ولا يلزم منه منع ما عداه وانما يؤخذ ذلك من أدلة أخرى وقال وفيه ان النهى عن انكاح البكر حتى تستأذن مخصوص بالبالغ حتى يتصور منها الاذن وأما الصغيرة فلا اذن لها وسيأتى الكلام على ذلك في باب مفرد * (قوله باب السلطان ولى لقول النبي صلى الله عليه وسلم زوجناكها بما معك من القرآن)
(١٦٣)