ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق معن بن عيسى عن مالك المساكين بدل الفقراء وأول هذا الحديث موقوف ولكن آخره يقتضى رفعه ذكر ذلك ابن بطال قال ومثله حديث أبي الشعثاء ان أبا هريرة أبصر رجلا خارجا من المسجد بعد الاذان فقال أما هذا فقد عصى أبا القاسم قال ومثل هذا لا يكون رأيا ولهذا أدخله الأئمة في مسانيدهم انتهى وذكر ابن عبد البر أن جل رواة مالك لم يصرحوا برفعه وقال فيه روح بن القاسم عن مالك بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وكذا أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريق إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن مالك وقد أخرجه مسلم من رواية معمر وسفيان بن عيينة عن الزهري شيخ مالك كما قال مالك ومن رواية أبى الزناد عن الأعرج كذلك والأعرج شيخ الزهري فيه هو عبد الرحمن كما وقع في رواية سفيان قال سألت الزهري فقال حدثني عبد الرحمن الأعرج انه سمع أبا هريرة فذكره ولسفيان فيه شيخ آخر باسناد آخر إلى أبي هريرة صرح فيه برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم أيضا من طريق سفيان سمعت زياد بن سعد يقول سمعت ثابتا الأعرج يحدث عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فذكر نحوه وكذا أخرجه أبو الشيخ من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا صريحا وأخرج له شاهدا من حديث ابن عمر كذلك والذي يظهر أن اللام في الدعوة للعهد من الوليمة المذكورة أولا وقد تقدم ان الوليمة إذا أطلقت حملت على طعام العرس بخلاف سائر الولائم فإنها تقيد وقوله يدعى لها الأغنياء أي أنها تكون شر الطعام إذا كانت بهذه الصفة ولهذا قال ابن مسعود إذا خص الغنى وترك الفقير أمرنا أن لا نجيب قال قال ابن بطال وإذا ميز الداعي بين الأغنياء والفقراء فأطعم كلا على حدة لم يكن به بأس وقد فعله ابن عمر وقال البيضاوي من مقدره كما يقال شر الناس من أكل وحده أي من شرهم وانما سماه شرا لما ذكر عقبه فكأنه قال شر الطعام الذي شأنه كذا وقال الطيبى اللام في الوليمة للعهد الخارجي إذ كان من عادة الجاهلية أن يدعوا الأغنياء ويتركوا الفقراء وقوله يدعى إلى آخره استئناف وبيان لكونها شر الطعام وقوله ومن ترك إلى آخره حال والعامل يدعى أي يدعى الأغنياء والحال أن الإجابة واجبة فيكون دعاؤه سببا لاكل المدعو شر الطعام ويشهد له ما ذكره ابن بطال أن ابن حبيب روى عن أي هريرة أنه كان يقول أنتم العاصون في الدعوة تدعون من لا يأتي وتدعون من يأتي يعنى بالأول الأغنياء وبالثاني الفقراء (قوله شر الطعام) في رواية مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك بئس الطعام والأول رواية الأكثر وكذا في بقية الطرق (قوله يدعى لها الأغنياء) في رواية ثابت الأعرج يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها والجملة في موضع الحال لطعام الوليمة فلو دعا الداعي عاما لم يكن طعامه شر الطعام ووقع في رواية الطبراني من حديث ابن عباس بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الشبعان ويحبس عنه الجيعان (قوله ومن ترك الدعوة) أي ترك إجابة الدعوة وفى رواية ابن عمر المذكورة ومن دعى فلم يجب وهو تفسير للرواية الأخرى (قوله فقد عصى الله ورسوله) هذا دليل وجوب الإجابة لان العصيان لا يطلق الا على ترك الواجب ووقع في رواية لابن عمر عند أبي عوانة من دعى إلى وليمة فلم يأتها فقد عصى الله ورسوله * (قوله باب من أجاب إلى كراع) بضم الكاف وتخفيف الراء وآخره عين مهملة هو مستدق الساق من الرجل ومن حد الرسغ من اليد وهو من البقر والغنم
(٢١٢)