النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند أضاة بنى غفار فقال إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف فقال أسال الله معافاته ومغفرته فان أمتي لا تطيق ذلك الحديث أخرجه مسلم وأضاة بنى غفار هي بفتح الهمزة والضاد المعجمة بغير همز وآخره تاء تأنيث هو مستنقع الماء كالغدير وجمعه أضا كعصا وقيل بالمد والهمز مثل اناء وهو موضع بالمدينة النبوية ينسب إلى بنى غفار بكسر المعجمة وتخفيف الفاء لانهم نزلوا عنده وحاصل ما ذهب إليه هؤلاء ان معنى قوله أنزل القرآن على سبعة أحرف أي أنزل موسعا على القارئ أن يقرأه على سبعة أوجه أي يقرأ بأي حرف أراد منها على البدل من صاحبه كأنه قال أنزل على هذا الشرط أو على هذه التوسعة وذلك لتسهيل قراءته إذ لو أخذوا بأن يقرؤه على حرف واحد لشق عليهم كما تقدم قال ابن قتيبة في أول تفسير المشكل له كان من تيسير الله ان أمر نبيه أن يقرأ كل قوم بلغتهم فالهذلي يقرأ عتى حين يريد حتى حين والأسدي يقرأ تعلمون بكسر أوله والتميمي يهمز والقرشي لا يهمز قال ولو أراد كل فريق منهم أن يزول عن لغته وما جرى عليه لسانه طفلا وناشئا وكهلا لشق عليه غاية المشقة فيسر عليهم ذلك بمنه ولو كان المراد أن كل كلمة منه تقرأ على سبعة أوجه لقال مثلا أنزل سبعة أحرف وانما المراد أن يأتي في الكلمة وجه أو وجهان أو ثلاثة أو أكثر إلى سبعة وقال ابن عبد البر أنكر أكثر أهل العلم أن يكون معنى الأحرف اللغات لما تقدم من اختلاف هشام وعمر ولغتهما واحدة قالوا وانما المعنى سبعة أوجه من المعاني المتفقة بالألفاظ المختلفة نحو أقبل وتعال وهلم ثم ساق الأحاديث الماضية الدالة على ذلك (قلت) ويمكن الجمع بين القولين بان يكون المراد بالأحرف تغاير الألفاظ مع اتفاق المعنى مع انحصار ذلك في سبع لغات لكن لاختلاف القولين فائدة أخرى وهى ما نبه عليه أبو عمرو الداني أن الأحرف السبعة ليست متفرقة في القرآن كلها ولا موجودة فيه في ختمة واحدة فإذا قرأ القارئ برواية واحدة فإنما قرأ ببعض الأحرف السبعة لا بكلها وهذا انما يتأتى على القول بأن المراد بالأحرف اللغات وأما وقول من يقول بالقول الآخر فيتأتى ذلك في ختمة واحدة لا ريب بل يمكن على ذلك القول إن تحصل الأوجه السبعة في بعض القرآن كما تقدم وقد حمل ابن قتيبة وغيره العدد المذكور على الوجوه التي يقع بها التغاير في سبعة أشياء * الأول ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل ولا يضار كاتب ولا شهيد بنصب الراء ورفعها * الثاني ما يتغير بتغير الفعل مثل بعد بين أسفارنا وباعد بين أسفارنا بصيغة الطلب والفعل الماضي * الثالث ما يتغير بنقط بعض الحروف المهملة مثل ثم ننشرها بالراء والزاي * الرابع ما يتغير بابدال حرف قريب من مخرج الآخر مثل طلح منضود في قراءة على وطلع منضود * الخامس ما يتغير بالتقديم والتأخير مثل وجاءت سكرة الموت بالحق في قراءة أبى بكر الصديق وطلحة بن مصرف وزين العابدين وجاءت سكرة الحق بالموت * السادس ما يتغير بزيادة أو نقصان كما تقدم في التفسير عن ابن مسعود وأبى الدرداء والليل إذا يغشى والنهار إذا تخلى والذكر والأنثى هذا في النقصان واما في الزيادة فكما تقدم في تفسير تبت يدا أبى لهب في حديث ابن عباس وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين * السابع ما يتغير بابدال كلمة بكلمة ترادفها مثل العهن المنفوش في قراءة ابن مسعود وسعيد بن جبير كالصوف المنفوش وهذا وجه حسن لكن استبعده قاسم بن ثابت في الدلائل لكون الرخصة في القراءات انما وقعت
(٢٥)